عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا: أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا، لَوِ اشْتَرَى نَسِيئَةً بِثَمَنِ مِثْلِهِ نَقْدًا، جَازَ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا، وَلِلْمُوَكِّلِ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ بِالتَّعْجِيلِ.
قُلْتُ: هَذَا الْمَنْقُولُ أَوَّلًا عَنِ «التَّتِمَّةِ» قَدْ عَكَسَهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» فَقَالَ: هَذَا الْخِلَافُ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى قَبُولِ تَعْجِيلِهِ، وَحَيْثُ يُجْبَرُ، يَصِحُّ الشِّرَاءُ قَطْعًا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ، أَصَحُّ وَأَفْقَهُ وَأَقْرَبُ إِلَى تَعْلِيلِ الْأَصْحَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ دِينَارًا، وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِ شَاةً، وَوَصَفَهَا، فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا دِينَارًا، لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا عَلَى الدِّينَارِ، لِفَوَاتِ مَا وَكَّلَ فِيهِ. وَإِنْ سَاوَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: صِحَّةُ الشِّرَاءِ، وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَ خَيْرًا. وَالثَّانِي: لَا تَقَعُ الشَّاتَانِ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِمَا، بَلْ يُنْظَرُ، إِنِ اشْتَرَاهُمَا فِي الذِّمَّةِ، فَلِلْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ، وَالْأُخْرَى لِلْوَكِيلِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفَ دِينَارٍ. وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْتَزِعَ الثَّانِيَةَ مِنْهُ، وَيُقَرِّرَ الْعَقْدَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْعَقْدَ لَهُ. وَفِي قَوْلٍ شَاذٍّ: لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، بَلْ يَقَعَانِ لِلْوَكِيلِ. وَإِنِ اشْتَرَاهُمَا بِعَيْنِ الدِّينَارِ، فَقَدِ اشْتَرَى شَاةً بِإِذْنِهِ، وَشَاةً بِلَا إِذْنِهِ، فَيُبْنَى عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا تُوقَفُ عَلَى الْإِجَازَةِ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِي شَاةٍ. وَفِي الْأُخْرَى قَوْلًا (تَفْرِيقُ) الصَّفْقَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: تُوقَفُ، فَإِنْ شَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخَذَهُمَا بِالدِّينَارِ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَرَدَّ الْأُخْرَى عَلَى الْبَائِعِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الشَّاةِ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِإِبْطَالِ الْعَقْدِ فِيهَا، لَيْسَ بِأَوْلَى مَنْ تَعْيِينِ الْأُخْرَى، وَالتَّخْيِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute