فَرْعٌ
الشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ فِيمَا سَبَقَ. فَإِذَا قَالَ: اشْتَرِ بِمِائَةٍ، فَلَهُ الشِّرَاءُ بِأَقَلَّ، إِلَّا أَنْ يَنْهَاهُ، وَلَا يَشْتَرِي بِمَا فَوْقَهَا. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِمِائَةٍ، وَلَا تَشْتَرِ بِخَمْسِينَ، فَلَهُ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ وَبِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسِينَ، وَلَا يَجُوزُ بِخَمْسِينَ. وَفِيمَا دُونَهَا الْوَجْهَانِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ قَالَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ، فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا، صَحَّ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ. قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ، فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ مَا نُهِيَ عَنْهُ. وَفِي الشِّرَاءِ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ مِائَةٍ، وَدَفْعُ الْوَكِيلِ بَعْضَ الْمَأْمُورِ بِهِ جَائِزٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ: بِعْهُ إِلَى أَجَلٍ، وَبَيَّنَ قَدْرَهُ، أَوْ قُلْنَا: لَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِهِ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُعْتَادِ، فَخَالَفَ وَبَاعَ حَالًا، نُظِرَ، إِنْ بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ حَالًا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ. وَإِنْ بَاعَهُ حَالًا بِقِيمَتِهِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يُؤْمَنُ النَّهْبُ وَالسَّرِقَةُ، أَوْ كَانَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةً فِي الْحَالِ، لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ ثَمَنِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَبَيْنَ مَا قَدَّرَهُ مِنَ الثَّمَنِ، بِأَنْ قَالَ: بِعْ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، فَبَاعَ بِمِائَةٍ نَقْدًا. وَلَوْ قَالَ: بِعْ بِكَذَا إِلَى شَهْرَيْنِ، فَبَاعَ بِهِ إِلَى شَهْرٍ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَالًا، فَاشْتَرَاهُ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا، لَمْ يَصِحَّ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِقِيمَتِهِ حَالًا، فَوَجْهَانِ كَمَا فِي طَرَفِ الْبَيْعِ. قَالَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : هَذَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إِذَا عَجَّلَ حَقَّهُ، يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ. وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ، فَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ هُنَا لِلْمُوَكِّلِ بِحَالٍ. وَذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ تَخْرِيجًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute