الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ: بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، لَمْ يَبِعْ بِدُونِهَا، وَلَهُ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ. وَالْمَقْصُودُ بِالتَّقْدِيرِ: أَنْ لَا يَنْقُصَ فِيهِمَا مِنَ الْعُرْفِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ: الْأَوَّلُ. وَلَوْ نَهَاهُ عَنِ الزِّيَادَةِ صَرِيحًا، لَمْ يَزِدْ قَطْعًا.
قُلْتُ: حُكِيَ فِي «النِّهَايَةِ» وَ «الْبَسِيطِ» عَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ بِمِائَةٍ وَلَا تَزِدْ، فَزَادَ، أَوِ اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةٍ وَلَا تَنْقُصْ، فَنَقَصَ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ.
قَالَا: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ أَتَى بِمَا هُوَ نَصٌّ فِي الْمَنْعِ، لَمْ يُنَفَّذْ لِمُخَالَفَتِهِ، وَإِنِ احْتَمَلَ أَنَّهُ يُرِيدُ: لَا تُتْعِبْ نَفْسَكَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، اتَّجَهَ التَّنْفِيذُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ بِمِائَةٍ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمِائَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعَيَّنًا، فَإِنْ قَالَ: بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إِرْفَاقَهُ.
فَرْعٌ
لَوْ قَالَ: بِعْ ثَوْبِي، وَلَا تَبِعْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، لَمْ يَبِعْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، وَيَبِيعُ بِهَا وَبِمَا دُونَهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ بِمِائَةٍ، وَلَا تَبِعْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَيَجُوزُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مِائَةٍ، وَلَا يَجُوزُ بِمَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَلَى الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute