مَا فِي مُطَالَبَةِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُطَالِبُ، وَأَنَّهُ إِذَا غَرِمَ، رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: الْجَوَازُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعَزْلُ. وَلِارْتِفَاعِهَا أَسْبَابٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَعْزِلَهُ الْمُوَكِّلُ بِقَوْلِهِ: عَزَلْتُهُ، أَوْ رَفَعْتُ الْوَكَالَةَ، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ أَخْرَجْتُهُ عَنْهَا، فَيَنْعَزِلُ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ تَوْكِيلَهُ، أَوْ وَكَّلَهُ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ، بِأَنْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ يُوَكِّلَ فِي الطَّلَاقِ، أَوِ الْخُلْعِ، أَوِ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ، أَوْ سَأَلَهُ خَصْمُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ. وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْعَزْلِ إِلَيْهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَنْعَزِلُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ، فَالْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَنْعَزِلُ، فَيَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ: كُنْتَ عَزَلْتَهُ، لَا يُقْبَلُ.
الثَّانِي: إِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: عَزَلْتُ نَفْسِي، أَوْ أَخْرَجْتُهَا عَنِ الْوَكَالَةِ، أَوْ رَدَدْتُهَا، انْعَزَلَ قَطْعًا، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ: بِعْ وَأَعْتِقْ وَنَحْوَهُمَا مِنْ صِيَغِ الْأَمْرِ، لَمْ يَنْعَزِلْ بِرَدِّ الْوَكَالَةِ، وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِذْنٌ وَإِبَاحَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَاحَهُ الطَّعَامَ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُبَاحِ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِ نَفْسِهِ حُصُولُ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ.
الثَّالِثُ: يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِخُرُوجِهِ، أَوْ خُرُوجِ الْمُوَكِّلِ عَنْ أَهْلِيَّةِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ بِالْمَوْتِ أَوِ الْجُنُونِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَنْعَزِلُ بِجُنُونٍ لَا يَمْتَدُّ، بِحَيْثُ تَتَعَطَّلُ الْمُهِمَّاتُ. وَيَخْرُجُ إِلَى نَصْبِ قَوَّامٍ. وَالْإِغْمَاءِ، كَالْجُنُونِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَلْتَحِقُ بِمَنْ تُوُلِّيَ عَلَيْهِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِانْعِزَالِ الْتِحَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِمَنْ تُوُلِّيَ عَلَيْهِ. وَفِي مَعْنَى الْجُنُونِ، الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ فَلْسٍ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا. وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الرِّقُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute