للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ وَكَّلَ حَرْبِيًّا، ثُمَّ اسْتَرَقَّ. وَإِذَا جُنَّ الْمُوَكِّلُ، انْعَزَلَ الْوَكِيلُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْعَزْلِ.

الرَّابِعُ: خُرُوجُ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، بِأَنْ بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ. فَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ. ثُمَّ آجَرَهُ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إِنْ مَنَعَتِ الْبَيْعَ، لَمْ يُبْقِ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَامَةُ النَّدَمِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ لَا يُؤَاجِرُ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ. وَتَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ عَزْلٌ. وَفِي طَحْنِ الْحِنْطَةِ وَجْهَانِ.

وَجْهُ الِانْعِزَالِ، بُطْلَانُ اسْمِ الْحِنْطَةِ. وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ وَتَوْكِيلُ وَكِيلٍ آخَرَ، فَلَيْسَ بِعَزْلٍ قَطْعًا.

الْخَامِسُ: لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ تَصَرُّفٍ آخَرَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، فَفِي انْعِزَالِهِ أَوْجُهٌ. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الصِّيغَةُ: وَكَّلْتُكَ، بَقِيَ الْإِذْنُ. وَإِنْ كَانَتْ: بِعْ، أَوْ نَحْوَهُ، ارْتَفَعَ. وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ. وَعَبْدُ غَيْرِهِ كَعَبْدِهِ. وَإِذَا حَكَمْنَا بِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ، لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ لَهُ. فَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ، نَفَذَ تَصَرُّفُهُ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ وَإِنْ عَصَى، قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ.

قُلْتُ: لَمْ يُصَحِّحِ الرَّافِعِيُّ شَيْئًا مِنَ الْخِلَافُ فِي انْعِزَالِهِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ الْجُمْهُورُ. وَقَدْ صَحَّحَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَالْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ انْعِزَالَهُ. وَقَطَعَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّحْرِيرِ. وَأَمَّا عَبْدُ غَيْرِهِ، فَطَرَدَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ مُتَابَعَةً لِصَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» . وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ، وَالَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ: الْقَطْعُ بِبَقَائِهِ. قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : وَالْخِلَافُ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ، هُوَ فِيمَا إِذَا أَمَرَهُ السَّيِّدُ لِيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ. فَأَمَّا إِنْ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَتَوَكَّلْ لِفُلَانٍ، وَإِلَّا فَلَا تَتَوَكَّلْ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، فَلَا يَنْعَزِلُ قَطْعًا كَالْأَجْنَبِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

السَّادِسُ: لَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَزْلًا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَرَضٍ فِي الْإِخْفَاءِ، لَمْ يَكُنْ عَزْلًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>