بَطَلَ الشِّرَاءُ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ. وَإِنْ كَذَّبَهُ، وَقَالَ: أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ، لَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ. وَهَلْ يَكُونُ كَمَا لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ، أَمْ يَبْطُلُ الشِّرَاءُ؟ وَجْهَانِ سَبَقَ نَظَائِرُهُمَا. أَصَحُّهُمَا: صِحَّتُهُ وَوُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ. وَحَيْثُ صَحَّحْنَا الشِّرَاءَ، وَجَعَلْنَا الْجَارِيَةَ لِلْوَكِيلِ ظَاهِرًا، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ، قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَسْتَحِبُّ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَرْفُقَ الْحَاكِمُ بِالْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ، فَيَقُولَ: إِنْ كُنْتَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِعِشْرِينَ، فَقَدْ بِعْتَهُ إِيَّاهَا بِعِشْرِينَ. فَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ لِيَحِلَّ لَهُ الْفَرَجُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ أَطْلَقَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ: بِعْتُكَهَا بِعِشْرِينَ. فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ، صَارَتِ الْجَارِيَةُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَإِنْ عَلَّقَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، لِلتَّعْلِيقِ. قَالُوا: وَالتَّعْلِيقُ فِيمَا حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ، لَا مِنْ كَلَامِ الْمُوَكِّلِ. وَأَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْبَيْعِ إِلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ، فَلَا يَضُرُّ التَّعَرُّضُ لَهُ. وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ الْبَيْعَ، أَوْ عَلَّقَهُ، لَا نَجْعَلُ ذَلِكَ إِقْرَارًا بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ. وَإِنِ امْتَنَعَ الْمُوَكِّلُ مِنَ الْإِجَابَةِ، أَوْ لَمْ يَرْفُقْ بِهِ الْحَاكِمُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ إِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، ثَبَتَ الْحِلُّ، لِوُقُوعِ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْمُوَكِّلِ. وَذَكَرَ فِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَاذِبًا وَالشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ، فَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَكُونُ أَخَذَ مَالَ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَقَدْ غَرِمَ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: رُدَّ مَالَ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِالْيَمِينِ، فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنَ الْجَارِيَةِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute