وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَادِقًا، فَفِيهِ أَوْجُهٌ.
أَحَدُهَا: يَحِلُّ لِلْوَكِيلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَيَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ، حُكِيَ عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُوَكِّلِ. فَإِذَا تَعَذَّرَ نَقْلُهُ، بَقِيَ لَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ هَذَا الْوَجْهَ بِمَا إِذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنْ تَرَكَ الْوَكِيلُ مُخَاصَمَةَ الْمُوَكِّلِ، فَالْجَارِيَةُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَكَأَنَّهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا بَاطِنًا، بَلْ هِيَ لِلْمُوَكِّلِ، وَلِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، فَهُوَ كَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلِ دَيْنٍ لَا يُؤَدِّيهِ، فَظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهُ، فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ الْحَقِّ مِنْ ثَمَنِهِ، خِلَافٌ.
الْأَصَحُّ: الْجَوَازُ. ثُمَّ هَلْ يُبَاشِرُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ، أَمْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
وَالْأَصَحُّ هُنَا: لَهُ الْبَيْعُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ إِلَى الْبَيْعِ. وَإِذَا قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا، فَهَلْ يُوقِفُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهَا، وَيَأْخُذَهَا الْحَاكِمُ وَيَحْفَظَهَا؟ وَجْهَانِ.
يَأْتِي نَظَائِرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
لَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً، فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: إِنَّمَا وَكَّلْتُكَ بِشِرَاءِ غَيْرِهَا، وَحَلَفَ عَلَيْهِ، بَقِيَتِ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَالْحَكَمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةُ السَّابِقَةِ، فَيَتَلَطَّفُ الْحَاكِمُ وَيَرْفُقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute