للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، سَوَاءٌ قَدَّمْنَا عِنْدَ تَرَتُّبِ الْإِقْرَارَيْنِ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا، أَوْ سَوَّيْنَا.

الرَّابِعَةُ: أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَيْنِ مَالٍ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ غَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، سُلِّمَتِ الْعَيْنُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مَاتَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ، فَوَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ أَوَّلًا؛ لَأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الدَّيْنِ، لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا.

وَالثَّانِي: يَتَزَاحَمَانِ، لِتَعَارُضِ الْقُوَّةِ فِيهِمَا.

قُلْتُ: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ تَرِكَتَهُ، نَفَذَ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ تَبَرُّعًا، بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ. وَلَوْ مَلِكَ أَخَاهُ، فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ عُصْبَتِهِ، نَفَذَ عِتْقُهُ. وَهَلْ يَرِثُ؟ يُبْنَى عَلَى الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ. إِنْ صَحَّحْنَاهُ وَرِثَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُ يَقْتَضِي إِبْطَالَ حُرِّيَّتِهِ، فَيَذْهَبُ الْإِرْثُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ الِاخْتِيَارُ، فَإِقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفِهِ.

قُلْتُ: وَلَوْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ، فَأَقَرَّ فِي حَالِ الضَّرْبِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فِي الْقَضِيَّةِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: إِنْ أَقَرَّ فِي حَالِ الضَّرْبِ، تُرِكَ ضَرْبُهُ وَاسْتُعِيدَ إِقْرَارُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الضَّرْبِ، عُمِلَ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَعِدْهُ وَعُمِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>