للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْإِقْرَارِ حَالَ الضَّرْبِ، جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، هَذَا كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ. وَقَبُولُ إِقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنَ الْمُكْرَهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا، فَإِنَّ الْمُكْرَهَ هُوَ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا إِنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ، وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ. وَقَبُولُ إِقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِعَادَةُ الضَّرْبِ إِنْ لَمْ يُقِرَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُقَرُّ لَهُ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا: أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ الْمُقَرِّ بِهِ. فَلَوْ قَالَ: لِهَذَا الْحِمَارِ أَوْ لِدَابَّةِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ بِسَبَبِهَا، صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَزِمَهُ حِمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوِ اكْتَرَاهَا. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ لُزُومُ الْمَالِ بِالْمُعَامَلَةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ: لِعَبْدِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ، صَحَّ وَكَانَ إِقْرَارًا لِسَيِّدِهِ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ كَالْإِضَافَةِ فِي الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ.

فَرْعٌ

قَالَ: لِحَمْلِ فُلَانَةٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. أَحُدُهَا: أَنْ يُسْنَدَ إِلَى جِهَةٍ صَحِيحَةٍ، كَقَوْلِهِ: وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، أَوْ وَصَّى بِهِ لَهُ فُلَانٌ، فَيُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُ. ثُمَّ إِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، فَلَا حَقَّ لَهُ، وَيَكُونُ لِوَرَثَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ وَرِثَهُ مِنْهُ، أَوْ لِلْمُوصِي، أَوْ وَرَثَتِهِ فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ. وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا، فَإِنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْإِقْرَارِ ; اسْتَحَقَّهُ. وَإِنِ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَلَا، لِتَيَقُّنِ عَدَمِهِ، وَإِنِ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَلِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَفْرَشَةً، لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ.

قُلْتُ: أَظْهَرُهُمَا: الِاسْتِحْقَاقُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>