الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: قَوْلُ الْقَائِلِ: لِفُلَانٍ كَذَا، صِيغَةُ إِقْرَارٍ. وَقَوْلُهُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ ظَاهِرًا. وَقَوْلُهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي، إِقْرَارٌ بِالْعَيْنِ. وَقَوْلُهُ: لَهُ قِبَلِي كَذَا، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : هُوَ دَيْنٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: إِقْرَارٌ بِالْعَيْنِ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَحْمِلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَيْنٌ مُودَعَةٌ لَهُ عِنْدَهُ، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ. قَالَ: حَتَّى لَوِ ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً تَلِفَتْ، أَوْ رَدَدْتُهَا، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ بِالْوَدِيعَةِ، لَمْ يُقْبَلْ. وَإِذَا ادَّعَى التَّلَفَ، لَمْ يَنْفَعْهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ: لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، فَقَالَ فِي جَوَابِهِ: زِنْ، أَوْ خُذْ، أَوِ اسْتَوْفِ، أَوِ اتَّزِنْ، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْتِزَامٍ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ. وَفِي وَجْهٍ: اتَّزِنْ، إِقْرَارٌ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ، أَوْ زِنْهُ، أَوِ اخْتِمْ عَلَيْهِ، أَوْ شُدَّهُ فِي هَمَيَانِكَ، أَوِ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ، أَوِ اخْتِمْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ: إِقْرَارٌ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: وَهِيَ صِحَاحٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: زِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ: بَلَى، أَوْ نَعَمْ، أَوْ أَجَلْ، أَوْ صَدَقْتَ، فَهُوَ إِقْرَارٌ. قَالُوا: وَلَوْ قَالَ: لَعَمْرِي فَإِقْرَارٌ. وَلَعَلَّ الْعُرْفَ يَخْتَلِفُ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ بِهِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute