للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَا تَدَّعِيهِ، أَوْ لَسْتُ مُنْكِرًا لَهُ فَهُوَ إِقْرَارٌ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ، وَلَمْ يَقُلْ: بِهِ، أَوْ لَسْتُ مُنْكِرًا، أَوْ أَنَا أُقِرُّ، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا أُقِرُّ لَكَ بِهِ، فَوَجْهَانِ.

نَسَبَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ إِقْرَارًا إِلَى الْأَكْثَرِينَ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْقَاضِيَ حُسَيْنًا وَالرُّويَانِيَّ قَطَعُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَلَا يُحْكَى الْوَجْهُ الْآخَرُ إِلَّا نَادِرًا. وَيَتَأَيَّدُ كَوْنُهُ إِقْرَارًا بِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ، كَانَ إِقْرَارًا، وَلَمْ يَحْمِلُوهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ فِي شَيْءٍ آخَرَ. فَلَوْ قَالَ: فِيمَا يَدَّعِيهِ، فَهُوَ إِقْرَارٌ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُقِرُّ بِهِ وَلَا أُنْكِرُهُ، فَهُوَ كَسُكُوتِهِ، فَيُجْعَلُ مُنْكِرًا، وَتُعْرَضُ عَلَيهِ الْيَمِينُ. وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ، أَوْ قَضَيْتُهُ، فَإِقْرَارٌ، وَعَلَيهِ بَيِّنَةُ الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ. وَفِي وَجْهٍ: أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ، لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَلَوْ قَالَ: أَقْرَرْتُ بِأَنَّكَ أَبْرَأْتَنِي وَاسْتَوْفَيْتَ مِنِّي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

وَلَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ: لَعَلَّ، أَوْ عَسَى، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ أَحْسَبُ، أَوْ أُقَدِّرُ، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

فَرْعٌ

اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي التَّصْدِيقِ، فَقَدْ تَنْضَمُّ إِلَيهِ قَرَائِنُ تَصْرِفُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إِلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ. وَمِنْ جُمْلَتِهَا: الْأَدَاءُ، وَالْإِبْرَاءُ، وَتَحْرِيكُ الرَّأْسِ الدَّالُّ عَلَى شِدَّةِ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْأَصْحَابِ: إِنْ صَدَقْتَ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا، إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ. فَأَمَّا إِذَا اجْتَمَعَتِ الْقَرَائِنُ، فَلَا تُجْعَلُ إِقْرَارًا. وَيُقَالُ: فِيهِ خِلَافٌ، لِتَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْقَرِينَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>