فَرْعٌ
دَفَعَ دَرَاهِمَ إِلَى رَجُلٍ وَقَالَ: اجْلِسْ فِي هَذَا الْحَانُوتِ وَاتَّجِرْ فِيهَا لِنَفْسِكَ، أَوْ دَفَعَ إِلَيهِ بَذَرًا وَقَالَ: ازْرَعْهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، فَهُوَ مُعِيرٌ لِلْحَانُوتِ وَالْأَرْضِ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالْبَذْرُ، فَهَلْ يَكُونُ هِبَةً، أَمْ قَرْضًا؟ وَجْهَانِ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا
وَهِيَ ثَلَاثَةٌ.
الْأَوَّلُ: الضَّمَانُ. فَإِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، ضَمِنَهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِفِعْلِهِ، بِتَقْصِيرٍ أَمْ بِلَا تَقْصِيرٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي فِيهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ أَعَارَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً، لَغَا الشَّرْطُ وَكَانَتْ مَضْمُونَةً، وَإِذَا ضَمِنَ، فَفِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَوْجُهٌ.
أَصَحُّهَا: قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ.
وَالثَّانِي: يَوْمَ الْقَبْضِ.
وَالثَّالِثُ: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ. وَيُبْنَى عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، أَنَّ الْعَارِيَّةَ إِذَا وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، هَلْ يَكُونُ الَوْلَدُ مَضْمُونًا فِي يَدِهِ؟ إِنْ قُلْنَا بِالثَّالِثِ، كَانَ مَضْمُونًا، وَإِلَّا فَلَا. وَلَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا خِلَافٍ.
قُلْتُ: وَلَوِ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَسَاقَهَا، فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا، وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الْمَالِكُ فِيهِ بِإِذْنٍ وَلَا نَهْيٍ، فَالْوَلَدُ أَمَانَةٌ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْبُوضُ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ، إِذَا تَلِفَ، فِي الْمُعْتَبَرِ مِنْ قِيمَتِهِ هَذِهِ الْأَوْجُهُ، لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ فِيهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَصَحُّ يَوْمَ التَّلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute