الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِيهَا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ: يَتَعَرَّضُ لِإِثْبَاتِ الْأُجْرَةِ مَعَ نَفْيِ الْإِعَارَةِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِذَا حَلَفَ، اسْتَحَقَّ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى. وَعَلَى الثَّانِي: أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى.
وَالثَّانِي: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ. وَأَصَحُّهَا وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» : أُجْرَةُ الْمِثْلِ. فَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنِ الْيَمِينِ، لَمْ يَحْلِفِ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ، لِأَنَّهُمَا لَا يَدَّعِيَانِ حَقًّا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِيَانِ الْإِعَارَةَ وَلَيْسَتْ لَازِمَةً. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ رَمَزَ إِلَى أَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ الْغُرْمِ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَالزَّارِعِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْإِجَارَةِ، كَفَاهُ وَبَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ، وَاسْتَحَقَّ بِيَمِينِهِ الْمُسَمَّى عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَى الشَّاذِّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ. فَإِذَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْإِجَارَةِ، سَقَطَتْ دَعْوَى الْأُجْرَةِ، وَرُدَّتِ الْعَيْنُ إِلَى الْمَالِكِ. وَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمَالِكُ يَمِينَ الرَّدِّ، وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقًّا، وَلَمْ تُتْلِفِ الْمَنَافِعُ عَلَى الْمَالِكِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ تَالِفَةً، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ، وَالْمَالِكُ يُنْكِرُهَا وَيَدَّعِي الْأُجْرَةَ، فَيَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: أَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَةِ، هَلْ يَمْنَعُ الْأَخْذَ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، سَقَطَتِ الْقِيمَةُ بِرَدِّهِ. وَفِيمَنِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْأُجْرَةِ، الطَّرِيقَانِ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَإِنْ كَانَتِ الْأُجْرَةُ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ، أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ. وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، أَخَذَ قَدْرَ الْقِيمَةَ. وَفِي الْمُصَدَّقِ فِي الزَّائِدِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْمُتَصَرِّفُ: أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوِ الْأَرْضَ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَصَبْتَنِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَلَا مَعْنَى لِلْمُنَازَعَةِ، فَيُرَدَّ الْمَالُ إِلَى مَالِكِهِ. وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ. وَلِلْأَصْحَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute