للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طُرُقٌ. أَصَحُّهَا: أَنَّهَا عَلَى الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَفِي طَرِيقٍ: يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ. وَفِي طَرِيقٍ: هَمَا عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِحَقٍّ.

وَالثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِذْنِهِ. وَمَنْ قَالَ بِهَذَا، خَطَّأَ الْمُزَنِيَّ فِي النَّقْلِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ فِي «الْأُمِّ» عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ، هَذَا إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً. فَلَوْ تَلِفَتْ، نُظِرَ، إِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالْمَالِكُ يَدَّعِي أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةَ بِالْغَصْبِ، وَالْمُتَصَرِّفُ يُنْكِرُ الْأُجْرَةَ وَيُقِرُّ بِالْقِيمَةِ بِجِهَةِ الْعَارِيَّةِ، فَالْحُكْمُ فِي الْأُجْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ بَقَاءِ الْعَيْنِ. وَأَمَّا الْقِيمَةُ، فَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ قُلْنَا: اخْتِلَافُ الْجِهَةِ يَمْنَعُ الْأَخْذَ، لَمْ يَأْخُذْهَا إِلَّا بِالْيَمِينِ، وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا: الْعَارِيَّةُ تَضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ، أَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ، وَكَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ أَكْثَرَ، أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ التَّلَفِ أَقَلَّ، أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَفِي الزِّيَادَةِ يَحْتَاجُ إِلَى الْيَمِينِ. وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، لَزِمَهُ الْقِيمَةُ. ثُمَّ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ: أَنَّا إِنْ جَعَلْنَا اخْتِلَافَ الْجِهَةِ مَانِعًا مِنَ الْأَخْذِ، حَلَفَ، وَإِلَّا فَيَأْخُذُ بِلَا يَمِينٍ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ: أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ، لَا هَذِهِ الصُّورَةُ، وَلَا مَا إِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، قَالَ: لِأَنَّ الْعَيْنَ مُتَّحِدَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْجِهَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعَيْنَ.

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

الثَّالِثَةُ: قَالَ الْمَالِكُ: غَصَبْتَنِيهَا، وَقَالَ الْمُتَصَرِّفُ: بَلْ أَجَرْتَنِي، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالْمُصَدِّقُ الْمَالِكُ. فَإِذَا حَلَفَ، اسْتَرَدَّ الْمَالَ. وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالْمَالِكُ يَدَّعِي أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَالْمُتَصَرِّفُ يُقِرُّ بِالْمُسَمَّى. فَإِنِ اسْتَوَيَا، أَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ، أَخَذَ بِلَا يَمِينٍ. وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ، أَخَذَ قَدْرَ الْمُسَمَّى بِلَا يَمِينٍ، وَالزِّيَادَةُ بِالْيَمِينِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَا يَجِيءُ هُنَا خِلَافُ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى الْمَالِكُ فَسَادَ الْإِجَارَةِ، وَالْمُتَصَرِّفُ صِحَّتَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>