للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ أَتْلَفَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا وَآخَرُ الْآخَرَ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْمَنُ خَمْسَةً. وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّهَا قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ. وَلَوْ أَخَذَ أَحَدَهُمَا بِالسَّرِقَةِ، وَقِيمَتُهُ مَعَ نَقْصِ الْبَاقِي نِصَابٌ لَمْ يُقْطَعْ بِلَا خِلَافٍ.

قُلْتُ: الْأَقْوَى، مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَيُخَالِفُ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ هُنَاكَ. وَصُورَتُهُ: أَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً. فَإِنْ تَعَاقَبَا، لَزِمَ الثَّانِيَ ثَلَاثَةٌ. وَفِي الْأَوَّلِ الْخِلَافُ. وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى إِذَا غَصَبَهُمَا مَعًا وَجْهٌ فِي التَّنْبِيهِ وَالتَّتِمَّةِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ. وَفِيهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: إِذَا اتَّجَرَ الْغَاصِبُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: أَنَّهُ إِنْ بَاعَهُ أَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ، فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ. وَإِنْ بَاعَ سَلَمًا أَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ فِيهِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالتَّسْلِيمُ فَاسِدٌ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِمَّا الْتَزَمَ، وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ، وَأَرْبَاحُهُ لَهُ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّ بَيْعَهُ وَالشِّرَاءَ بِعَيْنِهِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ. فَإِنْ أَجَازَ، فَالرِّبْحُ لَهُ. وَكَذَا إِذَا الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ، تَكُونُ الْأَرْبَاحُ لِلْمَالِكِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الْبَيْعِ، وَيَتِمُّ شَرْحُهَا فِي الْقِرَاضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْغَرَضُ هُنَا، أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدَهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

الثَّانِيَةُ: وَطِئَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا. ثُمَّ هَلْ يُفْرَدُ الْأَرْشُ فَنَقُولُ: عَلَيْهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَالْأَرْشُ؟ أَمْ لَا يُفْرَدُ، فَنَقُولُ: مَهْرُ بِكْرٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إِنِ اخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ بِالِاعْتِبَارَيْنِ وَجَبَ الزَّائِدُ، وَقَدْ أَشَارَ الْإِمَامُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>