نُظِرَ، إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ مُكْرَهَةً، فَعَلَى الْغَاصِبِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَيَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا. وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ، وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَشْهُورِ. وَيَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا إِذَا قُلْنَا: يُفْرَدُ عَنِ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَفِي وُجُوبِ الزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ زَنَتِ الْحُرَّةُ وَهِيَ طَائِعَةٌ وَهِيَ بِكْرٌ. وَالثَّانِي: يَجِبُ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ طَرَفٍ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَالِمًا دُونَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَالْمَهْرُ. وَإِنْ كَانَتْ عَالِمَةً دُونَهُ، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ دُونَهُ إِنْ طَاوَعَتْهُ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ. ثُمَّ الْجَهْلُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، قَدْ يَكُونُ لِلْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا مُطْلَقًا، وَقَدْ يَكُونُ لِتَوَهُّمِ حَلِّهَا خَاصَّةً لِدُخُولِهَا بِالْغَصْبِ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمَا إِلَّا مِنْ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ يَكُونُ لِاشْتِبَاهِهِمَا عَلَيْهِ وَظَنِّهِ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ دَعْوَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ، فَالْقَوْلُ فِي وَطْئِهِ فِي حَالَتَيِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْغَاصِبِ، إِلَّا أَنَّ جَهْلَ الْمُشْتَرِي قَدْ يَنْشَأُ مِنَ الْجَهْلِ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَيْضًا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَاهُ الشَّرْطُ السَّابِقُ، وَإِذَا غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْمَهْرَ، فَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي رُجُوعِهِ [بِهِ] عَلَى الْغَاصِبِ.
وَهَلْ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِهِ ابْتِدَاءً؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ قُلْنَا: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَهْرِ عَلَى الْغَاصِبِ أَمْ لَا. وَقَالَ: إِذَا قُلْنَا: لَا رُجُوعَ، فَظَاهِرُ الْقِيَاسِ: أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَالظَّاهِرُ الْمُطَالَبَةُ، لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَطَرْدُ الْخِلَافِ فِي مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِالْمَهْرِ إِذَا وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute