وَيَبْقَى الْبَاقِي، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَمَوْضِعُ هَذَا الْوَجْهِ، مَا إِذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ أَبَى وَقَالَ: خُذِ الْكُلَّ أَوْ دَعْهُ، فَلَهُ ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ، إِذَا لَمْ نَحْكُمْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ. فَإِنْ حَكَمْنَا بِهِ، فَطَرِيقَانِ. مِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْبَعْضِ تَأْخِيرٌ لِطَلَبِ الْبَاقِي، وَمِنْهُمْ مَنِ احْتَمَلَ ذَلِكَ إِذَا بَادَرَ إِلَى طَلَبِ الْبَاقِي، وَطَرَدَ الْأَوْجُهَ.
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ صَاحِبَ «الشَّامِلِ» قَالَ: اسْتَحَقَّ شِقْصًا، فَجَاءَ وَقَالَ: آخُذُ نِصْفَهُ، سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْكُلِّ، لِأَنَّهُ تَرَكَ طَلَبَ النِّصْفِ. إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَاسْتَحَقَّ اثْنَانِ شُفْعَةً، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَسْقُطُ حَقُّ الْعَافِي، وَيَثْبُتُ الْجَمِيعُ لِلْآخَرِ. فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ، لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: يَسْقُطُ حَقُّهُمَا جَمِيعًا، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، كَالْقِصَاصِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَسْقُطُ حَقُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، تَغْلِيبًا لِلثُّبُوتِ كَمَا سَبَقَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَالرَّابِعُ: يَسْقُطُ حَقُّ الْعَافِي، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا قِسْطَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُلْزِمَهُ أَخْذَ الْجَمِيعِ. هَذَا إِذَا ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ لِعَدَدٍ ابْتِدَاءً.
فَلَوْ ثَبَتَتْ لِوَاحِدٍ فَمَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا، فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ لِوَاحِدٍ فَعَفَا عَنْ بَعْضِهَا، أَمْ كَثُبُوتِهَا لِابْنَيْنِ عَفَا أَحَدُهُمَا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَلَوْ كَانَ لِلشِّقْصِ شَفِيعَانِ، فَمَاتَ كُلٌّ عَنِ ابْنَيْنِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ، فَحَاصِلُ الْمَنْقُولِ تَفْرِيعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْجُهٌ.
أَحَدُهَا: يَسْقُطُ الْكُلُّ. وَالثَّانِي: يَبْقَى الْكُلُّ لِلْأَرْبَعَةِ. وَالثَّالِثُ: يَسْقُطُ حَقُّ الْعَافِي وَأَخِيهِ، وَيَأْخُذُ الْآخَرَانِ. وَالرَّابِعُ: يَنْتَقِلُ حَقُّ الْعَافِي إِلَى الثَّلَاثَةِ، فَيَأْخُذُونَ الشِّقْصَ أَثْلَاثًا. وَالْخَامِسُ: يَسْتَقِرُّ حَقُّ الْعَافِي لِلْمُشْتَرِي، وَيَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الشِّقْصِ. وَالسَّادِسُ: يَنْتَقِلُ حَقُّ الْعَافِي إِلَى أَخِيهِ فَقَطْ.
قُلْتُ: أَصَحُّهَا: الرَّابِعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute