فَرْعٌ
مَاتَ الشَّفِيعُ عَنِ ابْنَيْنِ، فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَفْوَهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ يَمِينِهِمَا عَلَى الْبَتِّ. فَلَوِ ادَّعَى عَفْوَ أَبِيهِمَا، حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. فَإِنْ حَلَفَا أَخَذَا. وَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَبَطَلَ حَقُّهُمَا. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ إِذَا عَفَا أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ، فَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. وَإِنْ قُلْنَا: حَقُّ الْعَافِي يَسْتَقِرُّ لِلْمُشْتَرِي، حَلَفَ الْمُشْتَرِي لِيَسْتَقِرَّ لَهُ نَصِيبُ النَّاكِلِ. ثُمَّ الْوَارِثُ الْحَالِفُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ بِنُكُولِ أَخِيهِ، وَلَكِنْ إِنْ صَدَّقَ أَخَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا. وَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعَفْوَ، وَأَنْكَرَ النَّاكِلُ، عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِدَعْوَى أَخِيهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَلِفِ نُكُولُهُ فِي جَوَابِ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ حَلَفَ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَفَا، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ دُونَ بَعْضٍ. فَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ لِأَرْبَعَةٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، وَثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ لِلْبَاقِينَ، فَلَمْ يَحْضُرْ إِلَّا وَاحِدٌ، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إِلَى حُضُورِهِمَا، بَلْ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَهُ. وَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ إِلَى حُضُورِهِمَا؟ إِذَا قُلْنَا: الشُّفْعَةُ عَلَى الْفَوْرِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِلْعُذْرِ، وَإِذَا أَخَذَ الْجَمِيعَ، ثُمَّ حَضَرَ أَحَدُ الْغَائِبِينَ، أَخَذَ مِنْهُ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا شَفِيعَانِ. فَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فُرُوعٌ:
أَحَدُهَا: خَرَجَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، فَفِي الْعُهْدَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: عُهْدَةُ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاسْتِحْقَاقِهِمُ الشُّفْعَةَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ رُجُوعَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ كُلَّ الثَّمَنِ، وَرُجُوعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَيَسْتَرِدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute