مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَ الشَّفِيعِ فِي الْأُخْرَى، فَلِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذَ مَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَافَقَهُ الْآخَرُ فِي الْأَخْذِ، أَمْ لَا. وَإِنْ كَانَ شَفِيعَهُمَا وَاحِدًا، جَازَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الشَّفِيعِ
الْأَظْهَرُ الْمَنْصُوصُ فِي الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ: أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ. وَالثَّانِي: تَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَالثَّالِثُ: تَمْتَدُّ مُدَّةً تَتَّسِعُ لِتَأَمُّلِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْأَخْذِ. وَالرَّابِعُ: تَمْتَدُّ إِلَى التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا. وَالْخَامِسُ: إِلَى التَّصْرِيحِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: بِعْ لِمَنْ شِئْتَ، أَوْ هَبْهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بِعْنِيهِ، أَوْ هَبْهُ لِي، أَوْ قَاسِمْنِي. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ بِهَذَا، وَلِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَأْخُذِ الشَّفِيعُ وَلَمْ يَعْفُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ الْأَخْذَ أَوِ الْعَفْوَ. وَفِي قَوْلٍ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، تَنْزِيلًا لِلشَّفِيعِ مَنْزِلَةَ مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِ الْفَوْرِ.
[وَإِنَّمَا نَحْكُمُ بِالْفَوْرِ] بَعْدَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ. فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَضَى سُنُونَ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، ثُمَّ إِذَا عَلِمَ، لَا يُكَلَّفُ الْمُبَادَرَةَ، عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِالْعَدْوِ وَنَحْوِهِ، بَلْ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ، فَمَا عُدَّ تَقْصِيرًا وَتَوَانِيًا فِي الطَّلَبِ، يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ، وَمَا لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا لِعُذْرٍ، لَا يُسْقِطُهَا. وَالْعُذْرُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ كَالْمَرَضِ، فَيَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يُوَكِّلَ إِنْ قَدَرَ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَقْصِيرِهِ. وَالثَّانِي: لَا. وَالثَّالِثُ: إِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ فِي التَّوْكِيلِ مِنَّةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ ثَقِيلَةٌ بَطَلَتْ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ. فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، بَطَلَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ أَوِ الْأَصَحِّ. وَالْخَوْفُ مِنَ الْعَدُوِّ، كَالْمَرَضِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute