وَكَذَا الْحَبْسُ إِذَا كَانَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ هُوَ مُعْسِرٌ بِهِ عَاجِزٌ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ. وَإِنْ حَبَسَ بِحَقٍّ، بِأَنْ كَانَ مَلِيئًا، فَغَيْرُ مَعْذُورٍ، وَمِثْلُهُ الْغَيْبَةُ. فَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ طَالِبًا عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، أَوْ يَبْعَثُ وَكِيلًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ مُخَوِّفًا، فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ إِلَى أَنْ يَجِدَ رُفْقَةً مُعْتَمَدِينَ يَصْحَبُهُمْ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَيَزُولَ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ الْمُفْرِطَانِ. وَإِذَا أَخَّرَ لِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ بِنَفْسِهِ، وَلَا [وَجَدَ] وَكِيلًا، فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ. فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، فَفِي بُطْلَانِ حَقِّهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَأُجْرِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ إِذَا سَارَ طَالِبًا فِي الْحَالِ. وَالْأَظْهَرُ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِتَرْكِهِ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ، فَإِنَّهُ يَكْفِي. وَلْيُطْرَدْ فِيمَا إِذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَوْ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَمَا سَبَقَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ، بِأَنْ كَانَ مَشْغُولًا بِصَلَاةٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ فِي حَمَّامٍ، فَلَهُ الْإِتْمَامُ، وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا، عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُكَلَّفُ قَطْعَهَا حَتَّى الصَّلَاةَ إِذَا كَانَتْ نَافِلَةً. وَعَلَى الصَّحِيحِ: لَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْأَكْلِ أَوِ الصَّلَاةِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، جَازَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا، فَإِذَا فَرَغَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُجْزِئُ.
فَرْعٌ
لَوْ رَفَعَ الشَّفِيعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي، وَتَرَكَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي مَعَ حُضُورِهِ، جَازَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ، وَلَمْ يُرَاجِعِ الْمُشْتَرِيَ وَلَا الْقَاضِيَ لَمْ يَكْفِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا، فَالْقِيَاسُ: أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي وَيَأْخُذَ كَمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ. وَإِذَا أَلْزَمْنَاهُ الْإِشْهَادَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَهَلْ يُؤْمَرُ أَنْ يَقُولَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute