قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ كَالْإِجَارَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ هُنَا قَطْعًا، لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَرِ، بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ، فَلَوْ فَاوَتَ بَيْنَ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ فِي السِّنِينَ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ كَالسَّلَمِ إِلَى آجَالٍ. وَلَوْ سَاقَاهُ سِنِينَ، وَشَرَطَ لَهُ ثَمَرَةَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، وَالْأَشْجَارُ بِحَيْثُ تُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ، لَمْ يَصِحَّ.
قُلْتُ: وَلَوْ سَاقَاهُ تِسْعَ سِنِينَ، وَشَرَطَ لَهُ ثَمَرَةَ الْعَاشِرَةِ، لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةَ التَّاسِعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الْخَامِسُ: الصِّيغَةُ، وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بِدُونِهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا الْوَجْهُ الْمُكْتَفَى فِي الْعُقُودِ بِالتَّرَاضِي وَالْمُعَاطَاةِ، وَكَذَا فِي الْقِرَاضِ وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ أَشْهَرُ الصِّيَغِ: سَاقَيْتُكَ عَلَى هَذِهِ النَّخِيلِ بِكَذَا، أَوْ عَقَدْتُ مَعَكَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهَا، كَقَوْلِهِ: سَلَّمْتُ إِلَيْكَ نَخِيلِي لِتَتَعَهَّدَهَا عَلَى كَذَا، أَوِ اعْمَلْ عَلَى هَذَا النَّخِيلِ، أَوْ تَعَهَّدْ نَخِيلِي بِكَذَا، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنَ الْعُقُودِ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْقَبُولُ قَطْعًا، وَلَا يَجِيءُ فِيهَا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي الْقِرَاضِ وَالْوَكَالَةِ، لِلُزُومِهِمَا.
فَرْعٌ
لَوْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، فَقَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِكَذَا مِنْ ثِمَارِهَا، أَوْ عَقَدَا الْإِجَارَةَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ، فَوَجْهَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ، لِمَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ مِنَ الْمُشَابَهَةِ وَاحْتِمَالِ كُلِّ لَفْظٍ مَعْنَى الْآخَرِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ صَرِيحٌ فِي غَيْرِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ نُفِّذَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute