للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولَ: أَجَّرْتُكَ أَحَدَهُمَا. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَّا مَنْفَعَةٌ، فَالْإِجَارَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَنَافِعُ، وَجَبَ الْبَيَانُ. وَأَمَّا الصِّفَةُ، فَإِجَارَةُ الْغَائِبَةِ، فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَأَمَّا الْقَدْرُ، فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ، سَوَاءٌ فِيهِ إِجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ. ثُمَّ الْمَنَافِعُ تُقَدَّرُ بِطَرِيقَتَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: الزَّمَانُ، كَاسْتَأْجَرْتُ الدَّارَ لِلسُّكْنَى سَنَةً. وَالثَّانِي: الْعَمَلُ، كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ هَذَا الثَّوْبَ. ثُمَّ قَدْ يَتَعَيَّنُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ، كَاسْتِئْجَارِ الْعَقَارِ، فَإِنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَنْضَبِطُ إِلَّا بِالزَّمَانِ، وَكَالْإِرْضَاعِ، فَإِنَّ تَقْدِيرَ اللَّبَنِ لَا يُمْكِنُ، وَلَا سَبِيلَ فِيهِ إِلَّا الضَّبْطُ بِالزَّمَانِ.

وَقَدْ يَسُوغُ الطَّرِيقَانِ، كَمَا إِذَا اسْتَأْجَرَ عَيْنَ شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ فِي الشَّخْصِ: لِيَعْمَلَ لِي كَذَا شَهْرًا، وَأَنْ يَقُولَ: لِيَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ. وَفِي الدَّابَّةِ يَقُولُ: لِأَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِي الْيَوْمَ، أَوْ يَقُولُ: لِأَرْكَبَهَا إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَأَيُّهُمَا كَانَ، كَفَى، لِتَعْرِيفِ الْمِقْدَارِ. فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الْقَمِيصَ الْيَوْمَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: بُطْلَانُ الْعَقْدِ.

وَالثَّانِي: صِحَّتُهُ، وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِهِمَا، فَإِنِ انْقَضَى الْيَوْمُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ، اسْتَحَقَّهَا، فَإِنْ تَمَّ الْعَمَلُ قَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ، اسْتَحَقَّهَا. وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ تَمَّ [الْعَمَلُ] أَوَّلًا، اسْتَحَقَّهَا. وَإِنْ تَمَّ الْيَوْمُ أَوَّلًا، وَجَبَ إِتْمَامُهُ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنَّكَ إِنْ فَرَغْتَ قَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ، لَمْ تَخِطْ غَيْرَهُ، بَطُلَتِ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّ زَمَنَ الْعَمَلِ يَصِيرُ مَجْهُولًا. فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَالْمَنَافِعُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَعْيَانِ، تَابِعَةٌ لَهَا، وَعَدَدُ الْأَعْيَانِ الَّتِي يُسْتَأْجَرُ لَهَا كَالْمُتَعَذِّرِ، فَعُنِيَ الْأَصْحَابُ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ تَكْثُرُ إِجَارَتُهَا لِيُعْرَفَ طَرِيقُ الضَّبْطِ بِهَا، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْآدَمِيُّ يُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ أَوْ صَنْعَةٍ، كَخِيَاطَةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، قَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>