للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَمَلَ الْخِيَاطَةِ كَذَا يَوْمًا، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ خَيَّاطًا وَلَا ثَوْبًا. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ، قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ هَذَا الثَّوْبَ. وَلَوْ قَالَ: لِتَخِيطَ لِي يَوْمًا أَوْ شَهْرًا، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَجُوزُ أَيْضًا. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّوْبَ وَمَا يُرِيدُ مِنْهُ مِنْ قَمِيصٍ، أَوْ قَبَاءٍ، أَوْ سَرَاوِيلَ، وَالطُّولِ، وَالْعَرْضِ، وَأَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ، أَهِيَ رُومِيَّةٌ، أَوْ فَارِسِيَّةٌ؟ إِلَّا أَنْ تَطَّرِدَ الْعَادَةُ بِنَوْعٍ، فَيُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

مِنْ هَذَا النَّوْعِ، الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، فَلْيُعَيِّنِ السُّورَةَ وَالْآيَاتِ الَّتِي يُعَلِّمُهَا، فَإِنْ أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بَلْ يَكْفِي ذِكْرُ عَشْرِ آيَاتٍ مَثَلًا. وَقِيلَ: تُشْتَرَطُ السُّورَةُ دُونَ الْآيَاتِ. وَهَلْ يَكْفِي التَّقْدِيرُ بِالْمُدَّةِ فَيَقُولُ: لِتُعَلِّمَنِي شَهْرًا؟ وَجْهَانِ، قَطَعَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ، وَإِيرَادُ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ.

قُلْتُ: الِاكْتِفَاءُ أَصَحُّ وَأَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي وُجُوبِ تَعْيِينِ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ أَوْ نَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، إِذِ الْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَكُنْتُ أَوَدُّ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ لِلتَّعْلِيمِ حَتَّى يُخْتَبَرَ حِفْظُ الْمُتَعَلِّمِ، كَمَا لَا يَصِحُّ إِيجَارُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ حَتَّى يُعْرَفَ حَالُ الرَّاكِبِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الَّذِي تَزَوَّجَ عَلَى تَعْلِيمِ مَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا يُرْجَى إِسْلَامُهُ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ، لَمْ يُعَلَّمْ، كَمَا لَا يُبَاعُ الْمُصْحَفُ لِكَافِرٍ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>