فَرْعٌ:
يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ التَّطَوُّعُ بِالْأَذَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ رَزَقَةُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، وَهُوَ خُمُسُ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَكَذَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ، إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا لِلْمَصَالِحِ، وَإِنَّمَا يَرْزُقُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَعَلَى قَدْرِهَا.
وَلَوْ وَجَدَ فَاسِقًا يَتَطَوَّعُ وَأَمِينًا لَا يَتَطَوَّعُ، فَلَهُ أَنْ يَرْزُقَ الْأَمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَلَوْ وَجَدَ أَمِينًا يَتَطَوَّعُ وَأَمِينًا أَحْسَنَ مِنْهُ صَوْتًا لَا يَتَطَوَّعُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَهُ؟ وَجْهَانِ:
قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: نَعَمْ، وَالْقَفَّالُ: لَا.
قُلْتُ: قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ أَصَحُّ إِنْ رَآهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً، لِظُهُورِ تَفَاوُتِهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسَاجِدُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُ النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، رَزَقَ عَدَدًا مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ، يَحْصُلُ بِهِمِ الْكِفَايَةُ، وَيَتَأَدَّى الشِّعَارُ، وَإِنْ أَمْكَنَ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجْمَعُ وَيَرْزُقُ وَاحِدًا.
وَالثَّانِي، يَرْزُقُ الْجَمِيعَ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ الْمَسَاجِدُ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ، بَدَأَ بِالْأَهَمِّ، وَهُوَ رِزْقُ مُؤَذِّنِ الْجَامِعِ وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ مِنَ الرَّعِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ، لَا حَجْرَ فَيُرْزَقُ كَمْ شَاءَ، وَمَتَى شَاءَ، وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْأَذَانِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ:
أَصَحُّهَا: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلِآحَادِ النَّاسِ مَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ، وَمَنْ أَذَّنَ لَهُ: وَلَا يَجُوزُ لِآحَادِ النَّاسِ: وَإِذَا