للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَوَّزْنَا لِلْإِمَامِ الِاسْتِئْجَارَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ حَيْثُ يَجُوزُ الرِّزْقُ خِلَافًا وَوِفَاقًا. قَالَ فِي (التَّهْذِيبِ) وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتُؤَذِّنَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا.

وَلَوِ اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوِ اسْتَأْجَرَ وَاحِدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ، فَفِي اشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ:

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الِاشْتِرَاطُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْإِقَامَةُ تَدْخُلُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْإِقَامَةِ إِذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأَذَانِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ بِصَافِيَةٍ عَنِ الْإِشْكَالِ.

فَرْعٌ:

يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ، وَمِنْ فَوَائِدِهِمَا: أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمَا لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى أَرْبَعَةٍ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنِ اسْتِحْبَابِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ، وَأَنْكَرَهُ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا.

وَقَالُوا: إِنَّمَا الضَّبْطُ بِالْحَاجَةِ وَرُؤْيَةِ الْمَصْلَحَةِ. فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَعَلَهُ، وَإِنْ رَأَى الِاقْتِصَارَ عَلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَزِدْ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا تَرَتَّبَ الْأَذَانَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَرَاسَلُوا، بَلْ إِنِ اتَّسَعَ الْوَقْتُ تَرَتَّبُوا فِيهِ، فَإِنْ تَنَازَعُوا الِابْتِدَاءَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ كَبِيرًا أَذَّنُوا مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِهِ.

وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَقَفُوا مَعًا وَأَذَّنُوا، وَهَذَا إِذَا لَمْ يُؤَدِّ اخْتِلَافُ الْأَصْوَاتِ إِلَى تَهْوِيشٍ. فَإِنْ أَدَّى، لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>