الْإِبْدَالُ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ الزَّادِ وَحَمْلِ مَا يُعْتَادُ لِمِثْلِهِ، لَمْ يُبَدِّلْهُ حَتَّى يَفْنَى كُلُّهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا اكْتَرَى لِلرُّكُوبِ فِي الذِّمَّةِ، لَزِمَ الْمُؤَجِّرُ الْخُرُوجَ مَعَ الدَّابَّةِ لِسَوْقِهَا، وَتَعَهُّدِهَا، وَإِعَانَةِ الرَّاكِبِ فِي الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ. وَتُرَاعَى الْعَادَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَانَةِ. فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ، لِأَنَّهُ يَصْعُبُ عَلَيْهَا النُّزُولُ وَالرُّكُوبُ مَعَ قِيَامِ الْبَعِيرِ، وَكَذَا إِذَا كَانَ الرَّجُلُ ضَعِيفًا لِمَرَضٍ أَوْ شَيْخُوخَةٍ، أَوْ كَانَ مُفْرِطَ السِّمَنِ، أَوْ نَضْوَ الْخَلْقِ، يُنِيخُ لَهُ الْبَعِيرَ، وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ مِنْ نَشَزٍ يَسْهُلُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بِحَالِ الرُّكُوبِ، لَا بِحَالِ الْعَقْدِ.
وَإِذَا اكْتَرَى لِلْحَمْلِ فِي الذِّمَّةِ، لَزِمَ الْمُؤَجِّرُ رَفْعَ الْحَمْلِ وَحَطَّهُ وَشَدَّ الْمَحْمَلِ وَحَلَّهُ. وَفِي شَدِّ أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَهُمَا بُعُدٌ عَلَى الْأَرْضِ، الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ قَرِيبًا. وَيُقِفُ الدَّابَّةَ لِيَنْزِلَ الرَّاكِبُ لِمَا لَا يَتَهَيَّأُ عَلَيْهَا، كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْوُضُوءِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ. وَإِذَا نَزَلَ انْتَظَرَهُ الْمُكْرِي لِيَفْرُغَ مِنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ، وَلَا الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِبْطَاءُ وَلَا التَّطْوِيلُ. قَالَ الرُّوْيَانِيُّ: وَلَهُ النُّزُولُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِيَنَالَ فَضْلَهُ، وَلَا يُقِفُهَا لِلنَّوَافِلِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، لِإِمْكَانِهَا عَلَى الدَّابَّةِ. وَإِنْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا، فَالَّذِي عَلَى الْمُؤَجِّرِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى الرُّكُوبِ وَلَا الْحَمْلِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي نَوْعَيِ الْإِجَارَةِ. وَحَكَى الْإِمَامُ مَعَ هَذَا، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِنْ قَالَ فِي إِجَارَةِ الذِّمَّةِ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَبْلِيغِي مَوْضِعَ كَذَا، لَزِمَهُ الْإِعَانَةُ. وَإِنْ قَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ مَنْفَعَةَ دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا، لَمْ تَلْزَمْهُ. وَالثَّانِي: تَجِبُ الْإِعَانَةُ عَلَى الرُّكُوبِ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْضًا. وَالثَّالِثُ: تَجِبُ لِلْحَمْلِ فِي نَوْعَيِ الْإِجَارَةِ، لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَطِّ وَالْحَمْلِ وَإِنِ اضْطَرَبَتْ فِي الرُّكُوبِ. وَرَفْعُ الْمَحْمَلِ وَحَطُّهُ كَالْحَمْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute