فَرْعٌ
إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً إِلَى بَلَدٍ، فَبَلَغَ عُمْرَانَهُ، فَلِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُ دَابَّتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ دَارَهُ. وَلَوِ اكْتَرَى إِلَى مَكَّةَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ تَتْمِيمُ الْحَجِّ عَلَيْهَا. وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِلْحَجِّ، رَكِبَهَا إِلَى مِنًى ثُمَّ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ مِنًى، ثُمَّ مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَهَلْ يَرْكَبُهَا إِلَى مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالطَّوَافِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا اسْتِحْقَاقَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَفْرُغْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ. وَمِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الْمُتَكَارِيَيْنِ مُفَارَقَةَ الْقَافِلَةِ بِالتَّقَدُّمِ أَوِ التَّأَخُّرِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا، فَتَلِفَتِ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ الْخِيَارُ. وَالْعَيْبُ، مِثْلُ أَنْ تَتَعَثَّرَ فِي الْمَشْيِ، أَوْ لَا تُبْصِرَ فِي اللَّيْلِ، أَوْ يَكُونَ بِهَا عَرَجٌ تَتَخَلَّفُ بِهِ عَنِ الْقَافِلَةِ. وَمُجَرَّدُ خُشُونَةِ الْمَشْيِ، لَيْسَ بِعَيْبٍ.
وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، وَسَلَّمَ دَابَّةً وَتَلِفَتْ، لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ. وَإِنْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إِبْدَالُهَا. ثُمَّ الدَّابَّةُ الْمُسَلَّمَةُ عَنِ الْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بِتَلَفِهَا، فَإِنَّهُ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا حَقُّ الِاخْتِصَاصِ، حَتَّى يَجُوزَ لَهُ إِجَارَتُهَا. وَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إِبْدَالَهَا، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ دُونَ إِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْمَنْعُ، لِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. وَالثَّانِي قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ: إِنِ اعْتَمَدَ بِاللَّفْظِ الدَّابَّةَ، بِأَنْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا، لَمْ يَجُزِ الْإِبْدَالُ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْهَا، بَلْ قَالَ: الْتَزَمْتُ إِرْكَابَكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا، جَازَ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute