فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا غُرْمَ وَلَا تَعْزِيرَ، وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنَ الرَّعْيِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ أَيْضًا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ النَّقِيعِ أَوْ حَشِيشِهِ ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ عَامِلَ الصَّدَقَاتِ إِذَا كَانَ يَجْمَعُهَا فِي بَلَدٍ، هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ مَوْضِعًا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ أَهْلُ الْبَلَدِ لِيَرْعَاهَا فِيهِ؟ قَالَ أَبُو حَامِدٍ: قِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: إِنْ مَنَعْنَا حِمَى الْإِمَامِ، فَذَلِكَ أَوْلَى، وَإِلَّا، فَقَوْلَانِ. وَمِنْهَا: لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ الْمُعَدَّ لِشُرْبِ خَيْلِ الْجِهَادِ وَإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَالْجِزْيَةِ وَغَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ فِي «تَهْذِيبِهِ» . قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا حَمَى الْإِمَامُ، وَقُلْنَا: لَا يَجُوزُ حِمَاهُ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، مَنْ أَحْيَاهُ، مُلِّكَهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَوَاشِي عِوَضًا عَنِ الرَّعْيِ فِي الْحِمَى أَوِ الْمَوَاتِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ وَقَالَهُ آخَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ وَغَيْرِهَا
بِقَاعُ الْأَرْضِ إِمَّا مَمْلُوكَةٌ، وَإِمَّا مَحْبُوسَةٌ عَلَى الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ كَالشَّوَارِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ وَالرِّبَاطَاتِ، وَإِمَّا مُنْفَكَّةٌ عَنِ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَهِيَ الْمَوَاتُ. أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ، فَمَنْفَعَتُهَا تَتْبَعُ الرُّقْبَةَ. وَأَمَّا الشَّوَارِعُ، فَمَنْفَعَتُهَا الْأَصْلِيَّةُ: الطُّرُوقُ. وَيَجُوزُ الْوُقُوفُ وَالْجُلُوسُ فِيهَا لِغَرَضِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهِمَا، بِشَرْطِ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى الْمَارَّةِ، سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ، أَمْ لَا، وَلَهُ أَنْ يُظَلِّلَ عَلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ مِنْ ثَوْبٍ وَبَارِيَةٍ وَنَحْوِهِمَا.
وَفِي بِنَاءِ الدَّكَّةِ، مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ. وَلَوْ سَبَقَ اثْنَانِ إِلَى مَوْضِعٍ، فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، أَمْ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ أَحَدَهُمَا؟ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute