أَنِّي أَبِيعُهُ، أَوْ أَرْجِعُ فِيهِ مَتَى شِئْتُ، فَبَاطِلٌ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كَالْعِتْقِ، أَوْ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَهَذَا شَرْطٌ مُفْسِدٌ. لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَفْسُدُ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ، وَالسِّرَايَةِ. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ الشَّرْطُ، وَيَصِحَّ الْوَقْفُ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ إِذَا مَاتَ، فَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَنِ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ أُخِذَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْعُمَرِيِّ. وَلَوْ وَقَفَ وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَحْرِمَ مَنْ شَاءَ، أَوْ يُقَدِّمَ أَوْ يُؤَخِّرَ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ. هَذَا إِذَا أَنْشَأَ الْوَقْفَ بِهَذَا الشَّرْطِ، فَلَوْ أَطْلَقَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَ مَا ذَكَرَهُ بِحِرْمَانٍ، أَوْ زِيَادَةٍ، أَوْ تَقْدِيمٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ، فَلَيْسَ لَهُ قَطْعًا. فَإِنْ صَحَّحْنَا شَرْطَهُ لِنَفْسِهِ، فَشَرْطُهُ لِغَيْرِهِ، فَفَاسِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَفْسَدْنَاهُ، فَفِي فَسَادِ الْوَقْفِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ، أَمْ لَا؟ هَذَا مَجْمُوعُ مَا حَضَرَنِي مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ. وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ جُمْهُورُهُمْ بُطْلَانُ الشَّرْطِ، وَالْوَقْفِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، وَشَذَّ الْغَزَالِيُّ، فَجَعَلَ هَذِهِ الصُّوَرَ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ.
الْأُولَى: وَقَفْتُ بِشَرْطِ أَنْ أَرْجِعَ مَتَى شِئْتُ، أَوْ أَحْرِمَ الْمُسْتَحِقَّ، وَأُحَوِّلَ الْحَقَّ إِلَى غَيْرِهِ مَتَى شِئْتُ، فَفَاسِدٌ. الثَّانِيَةُ: بِشَرْطِ أَنْ أُغَيِّرَ قَدْرَ الْمُسْتَحِقِّ لِلْمَصْلَحَةِ، فَهُوَ جَائِزٌ. الثَّالِثَةُ: يَقُولُ: أُغَيِّرُ تَفْصِيلَهُ، فَوَجْهَانِ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ فِيهِ لَبْسٌ، فَإِنَّ التَّحْوِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُولَى هُوَ التَّغَيُّرُ الْمَذْكُورُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ. فَصْلٌ
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ الْوَقْفُ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَتْبَعُ شَرْطَهُ كَسَائِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute