للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجَعَ الْأَبُ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَجَّانًا، لَكِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِبْقَاءِ بِأُجْرَةٍ، أَوِ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ، أَوِ الْقِلْعِ. وَغَرَامَةُ النَّقْصِ كَالْعَارِيَّةِ. وَلَوْ وَطِئَ الِابْنُ الْمَوْهُوبَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا رُجُوعَ وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ، لِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَى الْأَبِ، وَالصَّحِيحُ: ثُبُوتُ الرُّجُوعِ.

فَرْعٌ

فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ

يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ: رَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْتُ، أَوِ ارْتَجَعْتُ، أَوِ اسْتَرْدَدْتُ الْمَالَ، أَوْ رَدَدْتُهُ إِلَى مِلْكِي، أَوْ أَبْطَلْتُ الْهِبَةَ، أَوْ نَقَضْتُهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِي «الْجُرْجَانِيَّاتِ» وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الرُّجُوعَ نَقْضٌ، وَإِبْطَالٌ لِلْهِبَةِ، أَمْ لَا؟ فَعَلَى الثَّانِي: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ لَفْظُ النَّقْضِ، وَالْإِبْطَالِ، إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ كِنَايَةً عَنِ الْمَقْصُودِ. وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ هَذَا، أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ، صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَالصَّرِيحُ: رَجَعْتُ. وَالْكِنَايَةُ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ، كَأَبْطَلْتُ الْهِبَةَ، وَفَسَخْتُهَا. فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِلَفْظٍ، لَكِنْ بَاعَ الْمَوْهُوبَ، أَوْ وَهَبَهُ لِآخَرَ، أَوْ وَقَفَهُ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَالثَّانِي: رُجُوعٌ وَيُنَفَّذُ التَّصَرُّفُ. وَالثَّالِثُ: رُجُوعٌ فَلَا يُنَفَّذُ التَّصَرُّفُ. وَلَوْ أَتْلَفَ الطَّعَامَ الْمَوْهُوبَ، أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، أَوْ وَطِئَ، لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: رُجُوعٌ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ: أَنَّهُ إِنْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ وَحَصَلَ الِاسْتِيلَادُ، كَانَ رُجُوعًا، وَإِلَّا، فَلَا. فَعَلَى الْأَصَحِّ: يَلْزَمُهُ بِالْإِتْلَافِ الْقِيمَةُ وَيَلْغُو الْإِعْتَاقُ، وَعَلَيْهِ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَبِاسْتِيلَادٍ الْقِيمَةُ.

قُلْتُ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>