قَالَهُ الْإِمَامُ، لِاسْتِحَالَةِ إِبَاحَةِ الْوَطْءِ لِشَخْصَيْنِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُتَّهِبَ يَسْتَبِيحُ الْوَطْءَ قَبْلَ الرُّجُوعِ. لَكِنْ إِذَا جَرَى وَطْءُ الْأَبِ الْحَرَامُ، هَلْ يَتَضَمَّنُ الرَّجْوعَ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْمَوْهُوبَ، أَوْ خَلَطَ الطَّعَامَ بِطَعَامِ نَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ
الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ حَيْثُ يَثْبُتُ، لَا يَفْتَقِرُ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي. وَإِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَلَدِ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ عَلَى حُكْمِ الضَّمَانِ.
لَوِ اتَّفَقَ الْوَاهِبُ وَالْمُتَّهِبُ عَلَى فَسْخِ الْهِبَةِ حَيْثُ لَا رُجُوعَ، فَهَلْ يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا، أَمْ لَا كَالْخَلْعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ عَنِ «الْجُرْجَانِيَّاتِ» .
قُلْتُ: لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إِلَّا مُنْجَزًا. فَلَوْ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَقَدْ رَجَعْتُ، لَمْ يَصِحَّ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لِأَنَّ الفُسُوخَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي الثَّوَابِ، قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْهِبَةَ مُقَيَّدَةٌ بِنَفْيِ الثَّوَابِ، وَإِثْبَاتِهِ، وَمُطْلَقَةٌ، وَمَضَى الْكَلَامُ فِي الْمُقَيَّدَةِ، وَفَرَّعْنَاهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ صِحَّتُهَا. وَقِيلَ: إِنَّهَا بَاطِلَةٌ إِذَا أَوْجَبْنَا الثَّوَابَ فِي الْمُطْلَقَةِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute