للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْهَا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَ جِنْسَهَا. وَالثَّانِي: يَشْهَدُ عَلَى صِفَاتِهَا أَيْضًا، حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا يَتَمَلَّكُهَا الْوَارِثُ، وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ لِلْمَالِكِ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى تَوَسُّطٍ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْعِبُ الصِّفَاتِ، بَلْ يَذْكُرُ بَعْضَهَا لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ، هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ سَاقِطٌ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ ذِكْرِ تَمَامِ الْأَوْصَافِ، لَا نَرَاهُ يَنْتَهِي إِلَى التَّحْرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُلْتَقَطُ وَبِنَاءُ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ اللُّقَطَةَ فِيهَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالِاكْتِسَابِ، فَالْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ أَوَّلًا، وَالِاكْتِسَابُ آخِرًا بَعْدَ التَّعْرِيفِ. وَهَلِ الْمُغَلَّبُ الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ لِأَنَّهَا نَاجِزَةٌ، أَمِ الِاكْتِسَابُ لِأَنَّهُ مَقْصُودُهُ وَلَا يَسْتَقِلُّ الْآحَادُ بِالْأَمَانَاتِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَيُقَالُ: قَوْلَانِ. فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ أَرْبَعُ صِفَاتٍ: الْإِسْلَامُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْأَمَانَةُ، وَالتَّكْلِيفُ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ وَيَعْرِفَ وَيَتَمَلَّكَ، لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالِاكْتِسَابِ، وَإِلَّا، فَفِيهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: يُمَكَّنُ الذِّمِّيُّ مِنَ الِالْتِقَاطِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: قَطْعًا، كَالِاصْطِيَادِ، وَالِاحْتِطَابِ، وَرُبَّمَا شُرِطَ فِيهِ عَدَالَتُهُ فِي دِينِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ الِالْتِقَاطُ فَالْتَقَطَ، أَخَذَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَحَفِظَهُ إِلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: هُوَ كَالْتِقَاطِ الْفَاسِقِ. قَالَ: وَالْمُرْتَدُّ إِنْ قُلْنَا: يَزُولُ مِلْكُهُ، انْتُزِعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْهُ، كَمَا لَوِ احْتَطَبَ، يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ، فَكَالْفَاسِقِ يَلْتَقِطُ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ أَزَلْنَا مِلْكَهُ، فَمَا يَحْتَطِبُهُ يُنْتَزَعُ وَيَكُونُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَإِنْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ كَذَلِكَ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ لِلْإِمَامِ ابْتِدَاءُ الِالْتِقَاطِ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَلِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَنْ يَجُوزَ لِلْوَلِيِّ الِالْتِقَاطُ لِلصَّبِيِّ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ مِلْكُهُ، فَهُوَ بِالذِّمِّيِّ أَشْبَهُ [مِنْهُ] مِنَ الْفَاسِقِ، فَلْيَكُنْ كَالْتِقَاطِ الذِّمِّيِّ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُتَوَلِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>