للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِيَةُ: الْفَاسِقُ أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ. وَعَنِ الْقَفَّالِ، تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، إِنْ غَلَّبْنَا الِاكْتِسَابَ، فَنَعَمْ، أَوِ الْأَمَانَةَ، فَلَا، وَمَا يَأْخُذُهُ مَغْصُوبٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، هَلْ يُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا، بَلْ يُنْتَزَعُ مِنْهُ وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ. وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَيُضَمُّ إِلَيْهِ عَدْلٌ يُشْرِفُ عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُضَمُّ إِلَيْهِ أَحَدٌ. وَسَوَاءٌ قُلْنَا: يُنْتَزَعُ أَوْ يُضَمُّ إِلَيْهِ مُشْرِفٌ، فَفِي التَّعْرِيفِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يُعْتَمَدُ وَحْدَهُ، بَلْ يُضَمُّ إِلَيْهِ نَظَرُ الْعَدْلِ، وَمُرَاقَبَتُهُ. وَالثَّانِي: يَكْفِي تَعْرِيفُهُ. ثُمَّ إِذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ، فَلِلْمُلْتَقِطِ التَّمَلُّكُ.

الثَّالِثَةُ: الْتِقَاطُ الْعَبْدِ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ. أَحَدُهَا: الْتِقَاطٌ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَلَا نَهَى عَنْهُ، وَفِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَالثَّانِي: كَاحْتِطَابِهِ، وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِسَيِّدِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ، لَمْ يُعْتَدَّ بِتَعْرِيفِهِ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ السَّيِّدُ الْتِقَاطَهُ، فَالْمَالُ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْعَبْدِ، وَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ، سَوَاءٌ أَتْلَفَهُ، أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ، أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، كَالْمَغْصُوبِ. وَإِنْ عَلِمَ، فَلَهُ أَحْوَالٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِهِ. وَلِهَذَا مُقَدِّمَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ مِنَ الْغَاصِبِ لِيَحْفَظَهُ لِلْمَالِكِ، هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنَ الضَّمَانِ؟ وَجْهَانِ. أَقْيَسُهُمَا: الْبَرَاءَةُ، لِأَنَّ يَدَ الْقَاضِي نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْمَالِكِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَبْرَأُ، فَلِلْقَاضِي أَخْذُهُ مِنْهُ. وَإِنْ قُلْنَا: يَبْرَأُ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ، وَالْغَاصِبِ بِحَيْثُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُفْلِسَ، أَوْ يُغَيِّبَ وَجْهَهُ، فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يَأْخُذُ، فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمَالِكِ. وَالثَّانِي: يَأْخُذُ نَظَرًا لَهُمَا جَمِيعًا. وَلَيْسَ لِآحَادِ النَّاسِ أَخْذُ الْمَغْصُوبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ، وَلَا الْغَاصِبِ بِحَيْثُ تَفُوتُ مُطَالَبَتُهُ ظَاهِرًا. وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ النَّائِبُ عَنِ النَّاسِ، وَلِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>