قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، كَمَا هُوَ شُذُوذٌ عَنِ الْأَصْحَابِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ دَلِيلًا، فَإِنَّهُ اقْتِرَاضٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ لَمْ يَرَ التَّمَلُّكَ لَهُ، حَفِظَهُ أَمَانَةً، أَوْ سَلَّمَهُ إِلَى الْقَاضِي. وَإِذَا احْتَاجَ التَّعْرِيفُ إِلَى مُؤْنَةٍ، لَمْ يَصْرِفْهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنَ اللُّقَطَةِ لِمُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ. وَيَجِيءُ وَجْهٌ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْتِقَاطِ الشَّاةِ: أَنَّهُ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ. وَلَوْ تَلِفَتِ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الصَّبِيِّ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ بِتَرْكِهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ، أَوْ أَتْلَفَهَا، لَزِمَ الْوَلِيَّ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَشَبَّهُوهُ بِمَا إِذَا احْتَطَبَ الصَّبِيُّ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ، أَوْ أَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ، يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ، لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ الصَّبِيِّ عَنْ مِثْلِهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، وَبَعْدَ التَّعْرِيفِ يُتَمَلَّكُ لِلصَّبِيِّ إِنْ كَانَ فِي التَّمَلُّكِ مَصْلَحَةٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إِذَا وُجِدَ قَبْضٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي لِيَصِيرَ الْمَقْبُوضُ مِلْكًا لِلْمُلْتَقِطِ، أَوْ إِفْرَازًا مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ مَنِ الْتَقَطَ شَاةً وَأَكَلَهَا يَفْرِزُ بِنَفْسِهِ قِيمَتَهَا مِنْ مَالِهِ. فَأَمَّا الضَّمَانُ فِي الذِّمَّةِ، فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لِلصَّبِيِّ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُ الصَّبِيِّ، فَإِذَا الْتَقَطَ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا، وَجَبَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِرَّهَا فِي يَدِهِ، بَلْ يَسْعَى فِي انْتِزَاعِهَا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْقَاضِي، فَعَلَ، وَإِنِ انْتَزَعَ الْحَاكِمُ، فَفِي بَرَاءَةِ الصَّبِيِّ عَنِ الضَّمَانِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي انْتِزَاعِ الْقَاضِي الْمَغْصُوبَ مِنَ الْغَاصِبِ، وَأَوْلَى بِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ نَظَرًا لِلطِّفْلِ. إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْقَاضِي، أَخَذَهُ بِنَفْسِهِ، وَتَبَنَّى بَرَاءَةَ الصَّبِيِّ عَنِ الضَّمَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِأَخْذِ الْآحَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute