فَإِنْ لَمْ تَحْصُلِ الْبَرَاءَةُ، فَفَائِدَةُ الْأَخْذِ صَوْنُ عَيْنِ الْمَالِ عَنِ التَّضْيِيعِ، وَالْإِتْلَافِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِذَا أَخَذَهُ الْوَلِيُّ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّسْلِيمُ إِلَى الْقَاضِي فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَإِلَّا، فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الصَّبِيِّ. وَفِي كَوْنِ الْوَلِيِّ طَرِيقًا، وَجْهَانِ. وَهَذَا إِذَا أَخَذَ الْوَلِيُّ لَا عَلَى قَصْدِ الِالْتِقَاطِ. أَمَّا إِذَا قَصَدَ ابْتِدَاءَ الِالْتِقَاطِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلِيَكُونَا كَالْخِلَافِ فِي الْأَخْذِ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى هَذَا الْقَصْدِ إِذَا لَمْ نُصَحِّحِ الْتِقَاطَهُ. وَلَوْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ وَتَرَكَ الْمَالَ فِي يَدِهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذَا تَلِفَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ، وَلَا حَقَّ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ حِفْظُهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَخَصَّصَ الْإِمَامُ هَذَا الْجَوَابَ بِمَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ أَخْذَهُ لَا يُبَرِّئُ الصَّبِيَّ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: يُبَرِّئُ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِتَرْكِهِ الصَّبِيَّ فِي وَرْطَةِ الضَّمَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ أَخْذَهُ لَا يُبَرِّئُ الصَّبِيَّ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ، فَحَقٌّ أَنْ يَصُونَهُ.
فَرْعٌ
الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ فِي الِالْتِقَاطِ، وَكَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَعْرِيفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ، وَهُوَ قِسْمَانِ. مَالٌ وَغَيْرُهُ، وَالْمَالُ نَوْعَانِ، حَيَوَانٌ وَجَمَادٌ. وَالْحَيَوَانُ ضَرْبَانِ، آدَمِيٌّ وَغَيْرُهُ. وَغَيْرُهُ صِنْفَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِفَضْلِ قُوَّتِهِ، كَالْإِبِلِ، وَالْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، أَوْ بِشِدَّةِ عَدْوِهِ كَالْأَرَانِبِ، وَالظِّبَاءِ الْمَمْلُوكَةِ، أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَالْحَمَامِ، فَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَفَازَةٍ، فَلِلْحَاكِمِ وَنُوَّابِهِ أَخْذُهَا لِلْحِفْظِ. وَفِي جَوَازِ أَخْذِهَا لِلْآحَادِ لِلْحِفْظِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَالْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِمَا: جَوَازُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، لِئَلَّا يَأْخُذَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute