خَائِنٌ فَتَضِيعَ. وَأَمَّا أَخْذُهَا لِلتَّمَلُّكِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ. فَمَنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهَا، وَلَا يَبْرَأُ عَنِ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي، بَرِئَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ وَجَدَهَا فِي بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا، فَوَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ كَالْمَفَازَةِ. وَأَصَحُّهُمَا: جَوَازُهُ، لِأَنَّهَا فِي الْعِمَارَةِ تَضِيعُ بِتَسَلُّطِ الْخَوَنَةِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ قَطْعًا. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ قَطْعًا. فَإِنْ مَنَعْنَا، فَالْتِقَاطُهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْتِقَاطِهَا مِنَ الصَّحْرَاءِ. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَعَلَى مَا سَيَأْتِي فِي النِّصْفِ الثَّانِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ زَمَانُ أَمْنٍ. فَأَمَّا فِي زَمَنِ النَّهْبِ، وَالْفَسَادِ، فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهَا قَطْعًا. وَسَوَاءٌ وُجِدَتْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوِ الْعُمْرَانِ، كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَا يَمْتَنِعُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
الصِّنْفُ الثَّانِي: مَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، كَالْكَسِيرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْعُجُولِ، وَالْفُصْلَانِ، فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ، سَوَاءٌ وُجِدَتْ فِي الْمَفَازَةِ، أَوِ الْعُمْرَانِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يُؤْخَذُ مَا وُجِدَ فِي الْعُمْرَانِ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ. ثُمَّ إِذَا وَجَدَهُ فِي الْمَفَازَةِ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهَا، وَيُعَرِّفَهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكَهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا، وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا، وَيُعَرِّفَهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْكُلَهَا إِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً وَيَغْرَمَ قِيمَتَهَا. وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنَ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنَ الثَّالِثَةِ. وَإِنْ وَجَدَهَا فِي الْعُمْرَانِ، فَلَهُ الْإِمْسَاكُ مَعَ التَّعْرِيفِ، وَالتَّمَلُّكِ، وَلَهُ الْبَيْعُ وَالتَّعْرِيفُ وَتَمَلُّكُ الثَّمَنِ. وَفِي الْأَكْلِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ كَالْمَفَازَةِ. وَأَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْعُمْرَانِ أَسْهَلُ هَذَا إِذَا كَانَتْ مَأْكُولَةً، فَأَمَّا الْجَحْشُ وَصِغَارُ مَا لَا يُؤْكَلُ، فَحُكْمُهَا فِي الْإِمْسَاكِ وَالْبَيْعِ حُكْمُ الْمَأْكُولِ، وَفِي جَوَازِ تَمَلُّكِهَا فِي الْحَالِ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ الْمَأْكُولِ. وَلَوْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لَأَعْرَضَ عَنْهَا الْوَاجِدُونَ وَلَضَاعَتْ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا حَتَّى تُعَرَّفَ سَنَةً كَغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute