للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَى هَذَا، إِذَا قَطَعَ مُدَّةً، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالرُّويَانِيُّ: نَعَمْ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ، وَلَمْ يَقْطَعْ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ بَلْ صَحَّحُوهُ، لِأَنَّهُ عُرِّفَ سَنَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِيَةُ: لِيَصِفِ الْمُلْتَقِطُ بَعْضَ أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ. وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: مُسْتَحَبٌّ. فَإِنْ شَرَطْنَاهُ، فَهَلْ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ دَرَاهِمُ؟ قَالَ الْإِمَامُ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَكِنْ يَتَعَرَّضُ لِلْعِفَاصِ، وَالْوِكَاءِ، وَمَكَانِ الِالْتِقَاطِ وَزَمَنِهِ، وَلَا يَسْتَوْعِبُ الصِّفَاتِ، وَلَا يُبَالِغُ فِيهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ. فَإِنْ بَالَغَ، فَفِي مَصِيرِهِ ضَامِنًا وَجْهَانِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، لَكِنْ قَدْ يَرْفَعُهُ إِلَى حَاكِمٍ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ بِالْوَصْفِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الضَّمَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثَةُ: إِنْ تَبَرَّعَ الْمُلْتَقِطُ بِالتَّعْرِيفِ، أَوْ بَذَلَ مُؤْنَتَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَإِنَّ أَخْذَهَا لِلْحِفْظِ أَبَدًا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إِنْ عَرَّفَ. وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ يَأْمُرَ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ. وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ، وَاتَّصَلَ الْأَمْرُ بِالتَّمَلُّكِ، فَمُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ قَطْعًا. وَإِنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا، فَهَلْ هِيَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِقَصْدِهِ التَّمَلُّكَ، أَمْ عَلَى الْمَالِكِ لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إِلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَوَّلُهُمَا. وَلَوْ قَصَدَ الْأَمَانَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ قَصَدَ التَّمَلُّكَ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>