عِنْدَ الْإِمَامِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ، أَنَّهُ إِذَا أَفْرَزَهَا، لَمْ تَصِرْ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمَالِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِتَمَلُّكِهَا. وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَا، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِهَلَاكِ الْمُفْرَزِ. وَقَدْ نَصُّوا عَلَى السُّقُوطِ، وَنَصُّوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ، فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُفْرَزَ كَمَا يَتَمَلَّكُ نَفْسَ اللُّقَطَةِ، وَكَمَا يَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ إِذَا بَاعَ الطَّعَامَ، وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ مِلْكًا لِصَاحِبِ اللُّقَطَةِ. وَلَوِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ يَوْمَيِ الْأَخْذِ وَالْأَكْلِ، فَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّهُ إِنْ أَخَذَ لِلْأَكْلِ اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ يَوْمِ الْأَخْذِ. وَإِنْ أَخَذَ التَّعْرِيفَ، اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ يَوْمِ الْأَكْلِ. وَإِذَا اخْتَارَ الْبَيْعَ، فَفِي الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ مَا سَبَقَ فِي بَيْعِ الشَّاةِ. وَإِذَا بَاعَ أَوْ أَكَلَ، عَرَّفَ الْمَبِيعَ وَالْمَأْكُولَ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، لَا الثَّمَنَ وَالْقِيمَةَ، سَوَاءٌ أَفْرَزَهَا، أَمْ لَا.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يُمْكِنُ إِبْقَاؤُهُ بِالْمُعَالَجَةِ وَالتَّجْفِيفِ. فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ لِصَاحِبِهِ فِي بَيْعِهِ رُطَبًا، بِيعَ، وَإِلَّا، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْمُلْتَقِطُ بِالتَّجْفِيفِ فَذَاكَ، وَإِلَّا، بِيعَ بَعْضُهُ وَأُنْفِقَ عَلَى تَجْفِيفِ الْبَاقِي.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: التَّمَلُّكُ، فَيَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَنِيًّا، أَوْ فَقِيرًا، وَمَتَى تَمَلَّكَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَا تَمَلُّكَ إِلَّا بِلَفْظٍ، كَقَوْلِهِ: تَمَلَّكْتُ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِي: لَا تَمَلُّكَ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ. وَعَلَى هَذَا، يُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْقَرْضِ، فِي أَنَّ الْمِلْكَ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنَ التَّصَرُّفِ يَحْصُلُ. وَالثَّالِثُ: يَكْفِيهِ تَجْدِيدُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ. وَالرَّابِعُ: تَمَلُّكٌ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ السَّنَةِ.
فَرْعٌ
فِي لُقَطَةِ مَكَّةَ وَحَرَمِهَا وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا لِلتَّمَلُّكِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ لِلْحِفْظِ أَبَدًا. وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَلُقَطَةِ سَائِرِ الْبِقَاعِ. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَالْمُرَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute