للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا يَوْمَ الْعُلُوقِ، فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ، فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ يَوْمَ الْعُلُوقِ، ثُمَّ يُسْلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ فِي الْحَالِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْإِسْلَامُ فِي حَالِ اجْتِنَانِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَسَنَذْكُرُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَفْتَرِقُ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ بِإِسْلَامِهِ. وَفِي مَعْنَى الْأَبَوَيْنِ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ، سَوَاءٌ كَانُوا وَارِثِينَ أَمْ لَمْ يَكُونُوا، فَإِذَا أَسْلَمَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ، أَوْ أَبُو الْأُمِّ، تَبِعَهُ الصَّبِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَبُ حَيًّا قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَ عَلَى الْأَصَحِّ. ثُمَّ إِذَا بَلَغَ هَذَا الصَّبِيُّ، فَإِنْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ، تَأَكَّدَ مَا حَكَمْنَا بِهِ. وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ، فَقَوْلَانِ. الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، لِأَنَّهُ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ جَزْمًا، فَأَشْبَهَ مَنْ بَاشَرَ الْإِسْلَامَ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَمَا إِذَا حَصَلَ الْعُلُوقُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، لِأَنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ أَوَّلًا وَأُزِيلَ تَبَعًا، فَإِذَا اسْتَقَلَّ، زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ. وَيُقَالُ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخْرِجٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْهُ وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ. فَإِنْ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ مُرْتَدًّا لَمْ يُنْقَضْ شَيْئًا مِمَّا أَمَضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ. وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: إِمْضَاؤُهَا بِحَالِهَا، لِجَرَيَانِهِ فِي حَالِ التَّبَعِيَّةِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا، وَنَسْتَدْرِكُ مَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ، حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَيَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مَا حَرَمْنَاهُ مِنْهُ، وَنَحْكُمُ بِأَنَّ إِعْتَاقَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا. هَذَا فِيمَا جَرَى فِي الصِّغَرِ. فَأَمَّا إِذَا بَلَغَ وَمَاتَ لَهُ قَرِيبٌ مُسْلِمٌ قَبْلَ أَنْ يُفْصِحَ بِشَيْءٍ، أَوْ أُعْتِقَ عَنِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذَا الْحَالِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَوْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ كَانَ مُرْتَدًّا، أَمْضَيْنَا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَلَا تُنْقَضُ. وَإِنْ جَعَلْنَاهُ كَافِرًا أَصْلِيًّا، فَإِنْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَا إِرْثَ وَلَا إِجْزَاءَ عَنِ الْكَفَّارَةِ. وَإِنْ فَاتَ الْإِفْصَاحُ بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: إِمْضَاءُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي الصِّغَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>