للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَصَحُّهُمَا: نَتَبَيَّنُ الِانْتِقَاضَ، لِأَنَّ سَبَبَ التَّبَعِبَّيَةِ الصِّغَرُ وَقَدْ زَالَ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْحَالِ حُكْمُهُ فِي نَفْسِهِ، فَيُرَدُّ الْأَمْرُ إِلَى الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ، وَرِثَهُ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ. وَلَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ مُسْلِمٌ، فَإِرْثُهُ عَنْهُ مَوْقُوفٌ. قَالَ الْإِمَامُ: أَمَّا التَّوْرِيثُ مِنْهُ، فَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ، هَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ؟ وَأَمَّا تَوْرِيثُهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِالتَّوَقُّفِ أَنَّهُ يُقَالُ: لَوْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ، فَهُوَ قَرِيبٌ، وَيُسْتَفَادُ بِهِ الْخُرُوجُ مِنَ الْخِلَافِ. وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْقَرِيبُ، ثُمَّ مَاتَ هُوَ، وَفَاتَ الْإِفْصَاحُ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ تَوْرِيثِهِ وَالتَّوْرِيثِ عَنْهُ. وَلَوْ قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ، فَفِي تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِقَتْلِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ قُتِلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا، لِلشُّبْهَةِ وَانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ. وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَالَّذِي أَطْلَقُوهُ وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَعَلُّقُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِقَتْلِهِ، وَقِيَاسُ قَوْلِنَا: إِنَّهُ لَوْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا، أَنْ لَا نُوجِبَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ عَلَى رَأْيٍ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا فَاتَ الْإِفْصَاحُ بِالْمَوْتِ يُرَدُّ الْمِيرَاثُ عَلَى رَأْيٍ.

قُلْتُ: الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ إِذَا بَلَغَ مَجْنُونًا، حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّغِيرِ، حَتَّى إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ وَالِدَيْهِ تَبِعَهُ. وَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ: تَبَعِيَّةُ السَّابِي، فَإِذَا سَبَى الْمُسْلِمُ طِفْلًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، لِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ كَالْأَبَوَيْنِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ، هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>