للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَدَاهُ مَعًا، وَتَشَاحَّا فِي حِفْظِهِ، فَيَجْعَلُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا، فَإِنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَا، فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا إِذَا ازْدَحَمَا عَلَى الْأَخْذِ مَعًا، وَهُمَا مُتَسَاوِيَا الْحَالِ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، خُصَّ بِهِ. وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً، وَهُوَ فِي يَدِهِمَا، أَوْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، أَوْ إِحْدَاهُمَا مُؤَرَّخَةٌ وَالْأُخْرَى مُطْلَقَةٌ، فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسَاقُطِ، فَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ. وَإِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِعْمَالِ، فَلَا يَجِيءُ الْوَقْفُ، وَلَا الْقِسْمَةُ، وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ، فَيُسَلَّمُ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ. وَإِنْ قُيِّدَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، قُدِّمَ السَّابِقُ، بِخِلَافِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ فِيهِ بِسَبْقِ التَّارِيخِ عَلَى الْأَظْهَرِ، لِأَنَّ الْأَمْوَالَ تَنْتَقِلُ، وَالْمُلْتَقِطُ لَا يَنْتَزِعُ مِنْهُ مَا دَامَتِ الْأَهْلِيَّةُ. فَإِذَا ثَبَتَ السَّبْقُ، لَزِمَ اسْتِمْرَارُهُ. هَكَذَا فَرَّقَ الْأَصْحَابُ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ: هَذَا إِذَا قُلْنَا: مَنِ الْتَقَطَ اللَّقِيطَ، ثُمَّ نَبَذَهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ. فَإِنْ أَسْقَطْنَاهُ، فَهُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَبَذَهُ الْأَوَّلُ فَالْتَقَطَهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا حَسَنٌ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى تَقْدِيمِ الْبَيِّنَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالسَّبْقِ، مَا إِذَا كَانَ اللَّقِيطُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ مَنْ فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ صَاحِبُ الْيَدِ، فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الِانْتِزَاعِ، لِإِثْبَاتِهَا السَّبْقَ.

الْحُكْمُ الرَّابِعُ: الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ، وَلِلَّقِيطِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ.

الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ، وَلَا يَدَّعِيَ رِقَّهُ أَحَدٌ، فَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ الْحُرِّيَّةُ، وَلِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ أَحْرَارٌ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يُتَوَقَّفُ فِي إِسْلَامِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَذَلِكَ التَّرَدُّدُ يَجْرِي هُنَا وَأَوْلَى، لِقُوَّةِ الْإِسْلَامِ، وَاقْتِضَائِهِ الِاسْتِتْبَاعَ لِلْوَالِدِ وَالسَّابِي، بِخِلَافِ الْحُرِّيَّةِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْإِمَامُ تَفْصِيلًا مُتَوَسِّطًا، فَقَالَ: يُجْزَمُ بِالْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى إِلْزَامِ الْغَيْرِ شَيْئًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>