الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا نَعْلَمَ شَيْئًا، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَا نُوَرِّثُ أَحَدَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، بَلْ نَجْعَلُ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ لِبَاقِي وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّا إِنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ، فَهُوَ تَحَكُّمٌ. وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنْ صَاحِبِهِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ. وَقِيلَ: إِذَا تَلَاحَقَ الْمَوْتَانِ، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ، أُعْطِيَ كُلُّ وَارِثٍ لَهُمْ مَا يُتَيَقَّنُ لَهُ، وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ، قَالَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيُصْرَفُ الْجَمِيعُ إِلَى الْوَرَثَةِ.
الْخَامِسَةُ: أَنْ يُعْلَمَ سَبْقُ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَلْتَبِسَ فَيُوقَفَ الْمِيرَاثُ حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحَا؛ لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمِ السَّابِقُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِمَامِ.
الْمَانِعُ الْخَامِسُ: الدَّوْرُ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنَ التَّوْرِيثِ عَدَمُهُ. وَمِثَالُهُ: أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِأَخِيهِ الْمَيِّتِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِأَبِي الْعَبْدِ، فَمَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَقَبِلَهَا أَخُوهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَلَا يَرِثُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوِ اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَبَاهُ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ. وَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ نَسَبًا عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ، فَأَنْكَرُوا وَنَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ، حَلَفَ وَوَرِثَ مَعَهُمْ إِنْ لَمْ يَحْجُبْهُمْ. وَإِنْ كَانَ يَحْجُبُهُمْ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَرِثُ، وَإِلَّا لَبَطَلَ نُكُولُهُمْ وَيَمِينُهُ. وَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَنْفُذُ، ثُمَّ إِنْ صَحَّحْنَا الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ، وَرِثَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُ يُوجِبُ إِبْطَالَ الْإِقْرَارِ بِحُرِّيَّتِهِ. وَإِذَا بَطَلَتْ، بَطَلَ الْإِرْثُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute