للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَسْبَابٍ تَمْنَعُ صَرْفَ الْمَالِ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ لِلشَّكِّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ

هِيَ أَرْبَعَةٌ:

[السَّبَبُ] الْأَوَّلُ: الشَّكُّ فِي الْوُجُودِ، كَمَنْ مَاتَ وَلَهُ قَرِيبٌ مَفْقُودٌ لَا يَعْلَمُ حَيَاتَهُ وَلَا مَوْتَهُ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: فِي التَّوْرِيثِ مِنْهُ. فَالْمَفْقُودُ: الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجُهِلَ حَالُهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فِي قِتَالٍ أَوْ عِنْدَ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَهُ مَالٌ - وَفِي مَعْنَاهُ: الْأَسِيرُ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ - فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَوْتِهِ، قُسِّمَ مِيرَاثُهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مَنْصُورٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ مَالُهُ حَتَّى يُتَحَقَّقَ حَالُهُ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَعِيشُ فِيهَا، قُسِّمَ مَالُهُ، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ لَيْسَتْ مُقَدَّرَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَيَكْفِي مَا يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَبْقَى إِلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَذَا الْقَطْعِ غَلَبَةُ الظَّنِّ. ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِالْحَاكِمِ، فَقِسْمَتُهُ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ، وَإِنِ اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي اعْتِبَارِ حُكْمِهِ مُخْتَلِفٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: فِيهِ خِلَافٌ، إِنِ اعْتَبَرْنَا الْقَطْعَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ. وَإِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ، وَقُسِّمَ مَالُهُ، فَهَلْ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ؟ مَفْهُومُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ دَلَالَةً وَصَرِيحًا: أَنَّ لَهَا ذَلِكَ، وَأَنَّ الْمَنْعَ عَلَى قَوْلِهِ الْجَدِيدِ مَخْصُوصٌ بِمَا قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ رَدُّوا عَلَى [الْقَوْلِ] الْقَدِيمِ حَيْثُ قَالُوا: إِذَا لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِهِ فِي فِرَاقِ زَوْجَتِهِ، فَأَشْعَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>