بِأَنَّهُمْ رَأَوُا الْحُكْمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ. وَعَلَى هَذَا فَالْعَبْدُ الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ، وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْكَفَّارَةِ بِلَا خِلَافٍ. وَمَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّا نَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَرِثُهُ حِينَ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يُوَرَّثُ مِنْهُ مَنْ مَاتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ بَيْنَ مَوْتِهِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْحَاكِمِ. وَأَشَارَ الْعَبَّادِيُّ فِي «الرَّقْمِ» إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَقَالَ: يَضْرِبُ لَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةً لَا يَعِيشُ فِي الْغَالِبِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِذَا انْتَهَتْ، فَكَأَنَّهُ مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَوْرِيثِهِ. فَإِذَا مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ نُظِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا الْمَفْقُودَ، تَوَقَّفْنَا حَتَّى يَبِينَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ الْقَرِيبِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمَفْقُودِ تَوَقَّفْنَا فِي نَصِيبِ الْمَفْقُودِ، وَأَخَذْنَا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَاضِرِينَ بِالْأَسْوَأِ، فَمَنْ يَسْقُطُ مِنْهُمْ بِالْمَفْقُودِ، لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَبِينَ حَالُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ حَيَاتُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ مَوْتُهُ. وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ، يُعْطَى نَصِيبَهُ.
مِثَالُهُ: زَوْجُ مَفْقُودٌ، وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَعَمٌّ حَاضِرُونَ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ. وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلَهُمَا اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ، فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِمْ حَيَاتُهُ.
أَخٌ لِأَبٍ مَفْقُودٍ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٌّ حَاضِرَانِ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلْأَخِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ. وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ، وَفِي حَقِّ الْأَخِ مَوْتُهُ.
أَخٌ لِأَبَوَيْنِ مَفْقُودٌ، وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ حَاضِرُونَ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ، فَيَكُونُ لِلْأُخْتَيْنِ الرُّبُعُ. وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ، فَيُقَدَّرُ فِي الزَّوْجِ مَوْتُهُ، وَفِي حَقِّ الْأُخْتَيْنِ حَيَاتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute