وَعَجَزَ عَنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، نُظِرَ، إِنْ قَدَرَ عَلَى أَقَلِّ رُكُوعِ الْقَاعِدِ وَأَكْمَلَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَتَى بِالْمُمْكِنِ، مَرَّةً عَنِ الرُّكُوعِ، وَمَرَّةً عَنِ السُّجُودِ، وَلَا يَضُرُّ اسْتِوَاؤُهُمَا.
وَإِنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى كَمَالِ الرُّكُوعِ، وَجَبَ الِاقْتِصَارُ فِي الِانْحِنَاءِ لِلرُّكُوعِ عَلَى قَدْرِ الْكَمَالِ، لِيَتَمَيَّزَ عَنِ السُّجُودِ.
وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُقَرِّبَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ لِلسُّجُودِ أَكْثَرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. حَتَّى قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ قَدَرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى صُدْغِهِ، أَوْ عَظْمِ رَأْسِهِ الَّذِي فَوْقَ الْجَبْهَةِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ جَبْهَتُهُ أَقْرَبَ إِلَى الْأَرْضِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي (الْأُمِّ) وَالْأَصْحَابُ: لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا، وَإِذَا صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ احْتَاجَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْضَهَا مِنْ قُعُودٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا.
فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ وَقَعَدَ فِي بَعْضِهَا صَحَّتْ، وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ وَإِذَا زَادَ عَجَزَ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ. فَلَوْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ فَعَجَزَ قَعَدَ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ السُّورَةِ لِيَرْكَعَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
فِيمَا إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقُعُودِ.
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ، يَتَحَقَّقُ بِتَعَذُّرِهِ، أَوْ لُحُوقِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. قَالَ الْجُمْهُورُ: وَالْعَجْزُ عَنِ الْقُعُودِ، يَحْصُلُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَجْزُ عَنِ الْقِيَامِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يَكْفِي ذَلِكَ، بَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ تَصَوُّرِ الْقُعُودِ، أَوْ خِيفَةُ الْهَلَاكِ، أَوِ الْمَرَضُ الطَّوِيلُ، إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ.
وَفِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ، وَجْهَانِ: وَقِيلَ: قَوْلَانِ:
أَصَحُّهُمَا: يَضْطَجِعُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ الْقِبْلَةَ، كَالْمَيِّتِ فِي لَحْدِهِ. فَلَوْ خَالَفَ، وَاضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ، صَحَّ، إِلَّا أَنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ.
وَالثَّانِي: