للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَارِثُهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي. وَلَوْ أَوْصَى لِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، وَنِصْفُهُ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ، أَوْ كَانَتْ، وَقُلْنَا: لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا، فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَكَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُبَعِّضَ الْوَصِيَّةَ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ. وَإِنْ جَرَتْ مُهَايَأَةٌ، وَقُلْنَا: يَدْخُلُ فِيهَا، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِيَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ مَاتَ فِي يَوْمِ الْعَبْدِ، فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ لَهُ، وَإِلَّا، فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، أَمْ أَحْدَثَاهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ.

فَرْعٌ

أَوْصَى لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ. فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْدَهُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ. فَإِنْ عَجَزَ، وَرَقَّ، صَارَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَوْصَى لِدَابَّةِ غَيْرِهِ، وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا، أَوْ أَطْلَقَ. قَالَ الْأَصْحَابُ: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ ; لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكَ، وَالدَّابَّةُ لَا تَمْلِكُ. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِلْعَبْدِ، بِأَنَّ الْعَبْدَ تَنْتَظِمُ مُخَاطَبَتُهُ، وَيَتَأَتَّى مِنْهُ الْقَبُولُ، وَرُبَّمَا عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ. وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ فِي كَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى مَالِكِهَا، فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُضَافَ إِلَى مَنْ تَمَلَّكَ.

قُلْتُ: الْفَرْقُ أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ فُسِّرَ بِالصَّرْفِ فِي عَلَفِهَا صَحَّتْ ; لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَالْقَصْدُ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمَالِكُ. هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>