وَيُحْتَمَلُ طَرْدُ خِلَافٍ سَبَقَ فِي مِثْلِهِ فِي الْوَقْفِ. فَعَلَى الصِّحَّةِ فِي اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْمَالِكِ وَجْهَانِ: اخْتِيَارُ أَبِي زَيْدٍ: لَا يُشْتَرَطُ، وَيُجْعَلُ وَصِيَّةً لِلدَّابَّةِ. وَالْأَصَحُّ: الِاشْتِرَاطُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» كَسَائِرِ الْوَصَايَا. وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهَا، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِعِمَارَةِ دَارِهِ، فَعَلَى هَذَا، يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إِلَى جِهَةِ الدَّابَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي. فَعَلَى هَذَا، يَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ الْوَصِيُّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَالْقَاضِي، أَوْ مَنْ يَأْمُرُهُ مِنَ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَتَعَيَّنُ، بَلْ لَهُ إِمْسَاكُهُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ.
فَرْعٌ
لَوِ انْتَقَلَتِ الدَّابَّةُ مِنْ مَالِكِهَا إِلَى غَيْرِهِ، فَقِيَاسُ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ الِاسْتِمْرَارُ لَهَا. وَقِيَاسُ كَوْنِهَا لِلْمَالِكِ اخْتِصَاصُهَا بِالْمُنْتَقَلِ عَنْهُ.
قُلْتُ: بَلِ الْقِيَاسُ اخْتِصَاصُهَا بِالْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
أَوْصَى لِمَسْجِدٍ وَفُسِّرَ بِالصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصْلَحَتِهِ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَهَلْ تَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ، أَمْ تَصِحُّ تَنْزِيلًا عَلَى الصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصْلَحَتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَيَصْرِفُهُ الْقَيِّمُ فِي الْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ، فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: سَبَقَ أَنْ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute