قُلْتُ: هَذَا الَّذِي أَشَارَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ إِلَى اخْتِيَارِهِ هُوَ الْأَفْقَهُ وَالْأَرْجَحُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ صَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَكَذَا لِلْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ فِي «عُيُونِ الْمَسَائِلِ» .
[الْمَسْأَلَةُ] الْخَامِسَةُ: فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْإِمَامِ وَالرُّويَانِيِّ: الصِّحَّةُ، كَالْهِبَةِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الْقَتْلِ ظُلْمًا، وَتَصِحُّ لِلْقَاتِلِ بِحَقٍّ قَطْعًا، كَالْقِصَاصِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: إِنْ وَرَّثْنَا الْقَاتِلَ بِحَقٍّ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَنْ أَوْصَى لِجَارِحِهِ ثُمَّ مَاتَ. أَمَّا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ، فَقَتَلَهُ فَبَاطِلَةٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْجِلٌ، فَحُرِمَ كَالْوَارِثِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي الْجَارِحِ قَطْعًا. وَالْقَوْلَانِ فِي الْآخَرِ. وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا.
فَرْعٌ
الْمُسْتَوْلَدَةُ إِذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَتَقَتْ قَطْعًا وَإِنِ اسْتَعْجَلَتْ ; لِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْإِعْتَاقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا، فَقَتَلَ سَيِّدَهُ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِي حُرِّيَّتِهِ. وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ فَقَتَلَهُ. وَإِنْ قُلْنَا: تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَتَقَ [قَطْعًا] ، كَالْمُسْتَوْلَدَةِ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ صَحَّحْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ سَوَاءٌ قُلْنَا: التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ، أَمْ تَعْلِيقٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا، فَفِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute