للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ تُنَفَّذِ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ، لَكِنْ يُحْكَمُ بِانْعِقَادِهَا فِي الْأَصْلِ حَتَّى يُنَفِّذَهَا لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ.

فَرْعٌ

التَّبَرُّعَاتُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْمَوْتِ - وَهِيَ الْوَصَايَا - مُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ سَوَاءٌ أَوَصَى [بِهَا] فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ، وَكَذَا التَّبَرُّعَاتُ الْمُنْجَزَةُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ مُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ. وَلَوْ وَهَبَهُ فِي صِحَّتِهِ، وَأَقْبَضَ فِي مَرَضِهِ، فَمِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّ الْهِبَةَ إِنَّمَا تُمْلَكَ بِالْقَبْضِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى مَعْرِفَةِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَنَّ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ مَاذَا؟ وَأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَحْسُوبَةَ مِنَ الثُّلُثِ مَا هِيَ؟ وَأَنَّهَا كَيْفَ تُحْسَبُ؟ فَنَعْقِدُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ فَصْلًا.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَاهُ، وَبَيَانِ طَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ، وَبَيَانِ مَا يُحْكَمُ بِهِ الْمَخُوفُ وَغَيْرُ الْمَخُوفِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ.

[أَمَّا] الْأَوَّلُ: فَمَا بِالْإِنْسَانِ مِنْ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ، إِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ إِلَى حَالٍ يُقْطَعُ فِيهَا بِمَوْتِهِ مِنْهُ عَاجِلًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْخَصَ بَصَرُهُ عِنْدَ النَّزْعِ وَتَبْلُغَ الرُّوحُ الْحَنْجَرَةَ، أَوْ يُقْطَعَ حُلْقُومُهُ وَمَرِّيُّهُ، أَوْ يُشَقَّ بَطْنُهُ وَتَخْرُجَ حِشْوَتُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: أَوْ يَغْرَقُ فِي الْمَاءِ وَيَغْمُرُهُ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ السِّبَاحَةَ، فَلَا اعْتِبَارَ بِكَلَامِهِ وَوَصِيَّتِهِ وَغَيْرِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، حَتَّى لَا يَصِحَّ إِسْلَامُ الْكَافِرِ وَلَا تَوْبَةُ الْفَاسِقِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حَيِّزِ الْأَمْوَاتِ، وَحَرَكَتُهُ حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>