للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْحَالُ الَّتِي قَالَ فِيهَا فِرْعَوْنُ: «آمَنْتُ» فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَإِمَّا أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إِلَيْهَا، فَأَمَّا أَنْ يُخَافَ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَهُوَ الْمَخُوفُ الَّذِي يَقْتَضِي الْحَجْرَ فِي التَّبَرُّعَاتِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ. هَذَا ضَابِطُهُ. ثُمَّ تَكَلَّمَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي أَمْرَاضٍ خَاصَّةٍ مَخُوفَةٍ، وَغَيْرِ مَخُوفَةٍ.

فَمِنَ الْمَخُوفَةِ: الْقُولَنْجُ، وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ، وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إِلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ.

وَمِنْهَا: ذَاتُ الْجَنْبِ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ، ثُمَّ يَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ، وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتُ الْهَلَاكِ، وَكَذَلِكَ وَجَعُ الْخَاصِرَةِ. وَمِنْهَا: الرُّعَافُ الدَّائِمُ، لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ، وَابْتِدَاؤُهُ لَيْسَ بِمَخُوفٍ. وَمِنْهَا: الْإِسْهَالُ، إِنْ كَانَ مُتَوَاتِرًا، فَمَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ. وَإِنْ كَانَ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ وَلَمْ يَدُمْ، فَلَيْسَ مَخُوفًا، إِلَّا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ أَحَدُ أُمُورٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْخَرِقَ الْبَطْنُ، فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ وَيَخْرُجُ الطَّعَامُ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعَهُ زَحِيرٌ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ، أَوْ تَقْطِيعٍ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ كَذَلِكَ وَيَكُونُ مُنْقَطِعًا، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ انْفِصَالُ شَيْءٍ كَثِيرٍ، فَإِذَا رَآهُ [نَظَرَهُ] كَانَ قَلِيلًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يُعَجِّلَهُ وَيَمْنَعَهُ النَّوْمَ.

الرَّابِعُ: إِذَا كَانَ مَعَهُ دَمٌ، نَقَلَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَخُوفٍ. وَفِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَأْتِي مَعَهُ دَمٌ، لَا يَكُونُ مَخُوفًا. وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>